لا شيء ينهي انقسامات اللبنانيين وصراعتهم

لا شيء ينهي انقسامات اللبنانيين وصراعتهم

المغرب اليوم -

لا شيء ينهي انقسامات اللبنانيين وصراعتهم

بقلم-عريب الرنتاوي

اللبنانيون كما الفلسطينيون، لا شيء ينهي انقساماتهم، لا الانهيار المالي والاقتصادي، ولا جائحة كورونا ولا العدو المتربص على الأبواب ... فقدت الليرة اللبنانية قرابة ثلثي قيمتها، وفقدت معها شرائح واسعة من الشعب اللبناني، دخلها ومستوى معيشتها ... هذا ليس مهماً، المهم أن يبقى الرجل المحسوب على تيار المعارضة، حاكم المصرف المركزي، في موقعه ... دعوته للمكاشفة والشفافية، دعوته لمصارحة الشعب بالأسباب التي أدت للانهيار، دعوته لتقديم كشوف عمّا صُرف وما تحوّل للخارج، وما تمت سرقته من ودائع اللبنانيين، كبيرة الكبائر، وتعد بمثابة "انقلاب عسكري" وفقاً لوصف سعد الحريري، مع أن حكام البنوك المركزية في العالم، ليسوا سوى موظفين لدى الحكومة، وليسوا رؤساء لحكومات ظل أو حكومات موازية.
 
الطبقة السياسية التي أخرجها الشارع من سدة الحكم، أو بالأحرى أخرج جزءاً منها، ما زالت تضع في صدارة أولوياتها العودة إليها، بأي ثمن، حتى وإن تم ذلك فوق ركام من الخرائب والآلام... بالنسبة لهؤلاء، الخراب يبدأ لحظة مغادرتهم السلطة، هم لا يكترثون بحقيقة أنهم تربعوا على عرشها ثلاثة عقود، من دون أي إنجاز يذكر، ولا حتى ماء أو كهرباء، ومع ذلك، ينظرون لإخراجهم من السلطة بوصفه "مؤامرة"، وعودتهم إليها بوصفها الانصاف وإحقاق الحق والعدالة.
 
نظام المحاصصة الطائفية، حصّن السفهاء واللصوص، وكرس "زواج متعة" بين رأس المال، خصوصاً الفاسد، والطبقة السياسية الأكثر فساداً... أمراء الحرب والطوائف، يتسييدون المشهد، قادة الأجهزة الأمنية موزعين عليهم ... مسئولو الملفات المالية، موزعين عليهم ... العطاءات والاحتكارات والمشاريع الكبرى، لا تُرسوا على غيرهم ... سرقوا البلاد والعباد، ولا يخجلون من تقديم أنفسهم بوصفهم رموزاً للإنقاذ والخلاص، بل ولا يتورعون عن الادعاء بأن "رمزيتهم" تتخطى جغرافيا لبنان الصغير إلى الإقليم والعالم.
 
هؤلاء لا يخرجون من السلطة إلا ليعودوا إليها، ولا يتركون مقاعدهم الوثيرة، إلا لأبنائهم وبناتهم .... الاقطاع السياسي لا يسمح بتجديد الطبقة السياسية إلا من داخل العائلات ذاتها .... لقد حوّلوا البلاد والعباد إلى إقطاعيات متوارثة، مرسّمة جغرافياً، وما أن يقع أول اهتزاز أمني، حتى يسارعوا لإعادة ترسيم حدود كانتوناتهم ... ليست حروبهم الداخلية وحدها، ما يدفعهم إلى ترسيم حدود الطوائف والمذاهب... إذ حتى جائحة كورونا، جعلت كل فريق منهم، يبحث عن "السلامة لإقطاعيته" فحسب، بدءاً به وبعائلته ... أحدهم ألبس موكبه المكوّن من رهط من سيارات الدفع الرباعي المتشحة نوافذها بالسواد، بأقنعة فُصلت خصيصاً لها ... مشهد مضحك، يظهر جبن ونذالة أصحاب الموكب، مثلما يظهر نظرتهم لأنفسهم بوصفهم فوق البشر، بهم تبدأ الحياة ومن دونهم تفقد مبررها.
 
لبنان قبل أزمة الركود وانهيار النفط وجائحة كورونا كان في "عزّ" أزمته الاقتصادية والمالية ... الجائحة فاقمت المشهد وزادته تعقيداً .... البطالة والفقر والجوع ينتشر في عموم المناطق اللبنانية، وتجرف في طريقها المزيد من الفئات والطبقات الاجتماعية ... هذا ليس مهماً، المهم أن يعود جنبلاط والحريري وجعجع إلى "السراي الحكومي" وأن يخرج ميشيل عون وحسان ذياب ونبيه بري، من مكاتبهم الوثيرة.
 
ليس كل من هم خارج السلطة، لصوص وشياطين، معظمهم كذلك ... وليس كل من هم داخل السلطة، ملائكة وأنبياء، قلة منهم كذلك ... الفساد العابر للطوائف والمذاهب، عابر للسلطة والمعارضة ... والمحاصصة والاقطاع السياسي العابر للمذاهب والطوائف، عابر للسلطة والمعارضة كذلك... ومن يدفع الثمن أولاً وأخيراً، هم فقراء جميع هذه الطوائف والمذاهب، ومن دون استثناء.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا شيء ينهي انقسامات اللبنانيين وصراعتهم لا شيء ينهي انقسامات اللبنانيين وصراعتهم



GMT 15:33 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر عربي اخترته للقارئ

GMT 15:29 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر المتنبي - ٢

GMT 15:18 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

من شعر المتنبي - ١

GMT 23:58 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

شعر جميل للمعري وأبو البراء الدمشقي وغيرهما

GMT 21:18 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أقوال بين المزح والجد

صبا مبارك تعتمد إطلالة غريبة في مهرجان البحر الأحمر

الرياض - المغرب اليوم

GMT 19:50 2024 السبت ,07 كانون الأول / ديسمبر

اللون الأسود يسيطر على أزياء السهرة
المغرب اليوم - اللون الأسود يسيطر على أزياء السهرة

GMT 09:42 2024 السبت ,07 كانون الأول / ديسمبر

أهم الوجهات الثقافية في جدة لعشاق الفنون
المغرب اليوم - أهم الوجهات الثقافية في جدة لعشاق الفنون

GMT 10:00 2024 السبت ,07 كانون الأول / ديسمبر

أفكار لتنسيق أثاث غرفة الطعام بأناقة
المغرب اليوم - أفكار لتنسيق أثاث غرفة الطعام بأناقة

GMT 08:57 2015 الثلاثاء ,07 إبريل / نيسان

ظاهرة الدعارة تتفشى في مختلف أحياء مراكش

GMT 10:19 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

الدرك الملكي يلقي القبض على شبكة للهجرة السرية في الناظور

GMT 19:45 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

منع "الحراكة" من الحصول على الوثائق الإسبانية

GMT 05:59 2018 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مجوهرات "ديور" تشع بالحياة بألوانها وأشكالها المميزة

GMT 19:16 2018 الثلاثاء ,04 أيلول / سبتمبر

محمد أوزال المرشح الوحيد لرئاسة الرجاء البيضاوي

GMT 04:13 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

"أبل" تجهز لإنتاج سيارات بحلول العام 2025

GMT 18:41 2018 الإثنين ,27 آب / أغسطس

إنستجرام يختبر ميزة جديدة لطلاب الجامعة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib