الهلال الشيعي والقوس العثماني

"الهلال الشيعي" و"القوس العثماني"

المغرب اليوم -

الهلال الشيعي والقوس العثماني

بقلم - عريب الرنتاوي

بحث الوزير الإيراني محمد جواد ظريف مع نظيره التركي جاويتش أوغلو في أنقرة، وعلى مدى يومين اثنين، مروحة واسعة من "الأزمات العربية"، من سوريا والعراق إلى اليمن وليبيا...البلدان حاضران بقوة وتفاوت، في معظم إن لم نقل جميع هذه الأزمات، أصحاب البلاد الأصليين والأطراف المقتتلة فيها، والعواصم العربية جمعاء، لم يكن لها مقعد واحد حول مائدة المحادثات التركية – الإيرانية، وغداً على مائدة المحادثات الإيرانية – الروسية، ومن قبل ومن بعد على مائدة البحث بين "قيصر الكرملين" و"سلطان القصر الأبيض".
 
تزامن ذلك وتوازى مع تطورين هامين اثنين: الأول؛ وصول المفاوضات الإسرائيلية – الإسرائيلية (نتنياهو*غانتس) والإسرائيلية – الأمريكية (نتنياهو/ غانتس مع كوشنير/فريدمان) لحظة الحسم بشأن توقيت ومساحة الأراضي الفلسطينية المحتلة التي سيجري اقتطاعها وإلحاقها بالسيادة الإسرائيلية، لتواجه مصير القدس الشرقية والجولان المحتلين اللذين بسطت إسرائيل سيادتها عليهما، بدعم أمريكي واعتراف رسمي من إدارة ترامب...مرة أخرى، لا حضور فلسطينياً أو عربياً على موائد التفاوض والمساومات، وها نحن نجلس بانتظار أن تنتهي الأطراف من رسم خرائطنا بمعزل عنّا.
 
أما الثاني؛ فيتعلق بوصول المفاوضات الثلاثية بين مصر والسودان وأثيوبيا حول مياه النيل وسد النهضة إلى طريق مسدود، بعد فشل الوساطة الأمريكية، وسط تقديرات بأن أديس أبابا ماضية في تنفيذ خطتها لملء السد، من جانب واحد، ودون انتظار لنتائج المفاوضات وقبل الوصول إلى أية تفاهمات لا تتناسب مع جدولها الزمني، الأمر الذي يعرض "شريان حياة" مصر والسودان على حد سواء، لأفدح الأخطار والتهديدات...الأحادية الإسرائيلية التي طالما اشتكينا منها، واكتوينا بنيران نتائجها، صارت أحادية أثيوبية وأحادية إيرانية وأحادية تركية، والحبل على الجرار.
 
أين العرب؟ سؤال يتردد في جنبات الشوارع والمدن العربية لكأنه صيحة في وادٍ سحيق...العرب ما عادوا فاعلاً مرفوعاً على عوامل القوة والاقتدار، العرب الذين استوطنوا لسنوات طوال "حروف العلّة والاعتلال"، باتوا مفعولاً به منصوباً عليه، من جواره القريب والبعيد، بعد أن بددوا عناصر القوة التي بحوزتهم، وباتوا "رجل المنطقة المريض" الذي يتسابق الآخرون على تقاسم تركته، ونهش ما تبقى من خيراته وثرواته...ماؤنا مستباح، ونفطنا كذلك، ومعهما أهدرت سيادتنا وكرامتنا وحقوقنا، نقولها كذلك من دون مزايدة أو مناقصة.
 
إيران تقاتل حتى الرمق الأخير للاحتفاظ بـ"هلالها الشيعي" الممتد من بحر قزوين إلى شرقي المتوسط...وتركيا تبني لبنة فوق لبنة، "قوسها العثماني" الممتد من مرمرة إلى طرابلس الغرب وقاعدة الوطية الجوية، عطفاً على مقديشيو وليس انتهاء بقاعدتها في قطر مروراً بجزيرة قبرص المقسّمة، فيما جيوشها تضرب يومياً في ثلاث دول عربية في آن واحد: "مخلب النسر" في شمالي العراق، احتلال مباشر لشمالي سوريا الشرقي والغربي، وجود مستدام وقواعد ثابتة بحرية وجوية في الغرب الليبي...وثمة معلومات لم تؤكدها مصادر موضوعية محايدة بعد، عن بدايات "تسلل" تركي إلى الأزمة اليمنية، تحت جناح "التجمع اليمني للإصلاح"، ومن نافذة مآرب – إبين، وصولاً إلى أثير المهرة.
 
إسرائيل الكبرى، من النهر إلى البحر، تغزل على مهل، خيوط تحالفات استراتيجية مع دول عربية، باتت ترى فيها "الصديق" و"الحليف" و"الفرصة"، وليس العدو المحتل/الاستيطاني/العنصري/ الإجلائي، المهدد للأمن القومي العربي...أما أثيوبيا، الدولة الأفريقية الكبرى الصاعدة (105 مليون نسمة)، التي تختبر مساراً انتقالياً ديمقراطياً واعداً، فلن تكون بعد سد النهضة كما كانت قبله، فيما نحن، الناطقون بلسان الضاد، خير أمة أخرجت للناس، ما زلنا في جدل حول جواز طرح التحية أو الترحم على غير المسلمين، مختلفين حتى على مُنقضات الوضوء.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الهلال الشيعي والقوس العثماني الهلال الشيعي والقوس العثماني



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

صبا مبارك تعتمد إطلالة غريبة في مهرجان البحر الأحمر

الرياض - المغرب اليوم

GMT 19:50 2024 السبت ,07 كانون الأول / ديسمبر

اللون الأسود يسيطر على أزياء السهرة
المغرب اليوم - اللون الأسود يسيطر على أزياء السهرة

GMT 09:42 2024 السبت ,07 كانون الأول / ديسمبر

أهم الوجهات الثقافية في جدة لعشاق الفنون
المغرب اليوم - أهم الوجهات الثقافية في جدة لعشاق الفنون

GMT 10:00 2024 السبت ,07 كانون الأول / ديسمبر

أفكار لتنسيق أثاث غرفة الطعام بأناقة
المغرب اليوم - أفكار لتنسيق أثاث غرفة الطعام بأناقة

GMT 07:41 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إكس" توقف حساب المرشد الإيراني خامنئي بعد منشور بالعبرية

GMT 02:13 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

قائمة المنتخب المغربي لمواجهة الغابون وليسوتو

GMT 20:33 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أحدث سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 07:13 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

موديلات قفطان مغربي على طريقة النجمات العربيات

GMT 09:51 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

نصائح لتنظيف "مروحة المطبخ"من الدهون والأتربة

GMT 08:00 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib