بناء الإنسان بند خارج البرنامج
آلاف الإسرائيليين يهرعون إلى الملاجئ بعد سماع دوي صفارات الإنذار في قيساريا والخضيرة وحيفا شمال الأراضي الفلسطينية ارتفاع عدد القتلى الإسرائيليين في هجوم إطلاق النار بمنطقة يافا إلى 7 أشخاص مقتل 3 مسعفين جراء قصف إسرائيلي استهدف مراكز للإسعاف في بلدات جويا وجدلزون وعيناتا جنوب لبنان إسرائيل تُنذر سكان 25 قرية جنوب لبنان بضرورة الإخلاء إلى ما وراء نهر الأولي وزارة الصحة في غزة تُعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي المستمر على غزة حيث بلغ عدد القتلى 41870 و 97166 مصاباً وفاة الفنانة المغربية نعيمة المشرقي عن عمر يُناهز 81 عاماً بعد مسيرة فنية امتدت لعقود مظاهرة في واشنطن دعماً للفلسطينيين واللبنانيين الذين يتعرضون لهجمات إسرائيلية مكثفة حصيلة قتلى ومصابي الجيش الإسرائيلي داخل الأراضي اللبنانية منذ بدء العمليه البرية باتجاه قرى جنوب لبنان آلاف الأشخاص يتظاهرون في مدريد ومدن أخرى حاملين الأعلام الفلسطينية ومرددين شعارات تضامن مع قطاع غزة ولبنان غارة إسرائيلية استهدفت منطقة القصير بريف حمص عند الحدود السورية اللبنانية
أخر الأخبار

بناء الإنسان بند خارج البرنامج

المغرب اليوم -

بناء الإنسان بند خارج البرنامج

بقلم ـ توفيق بو عشرين

نشر الكاتب البرازيلي «باولو كويلو» قصة قصيرة يقول فيها: «كان الأب يحاول أن يقرأ الجريدة، ولكن ابنه الصغير لم يكف عن مضايقته.. وحين تعب الأب من ابنه قام بقطع ورقة في الصحيفة كانت تحوي خريطة العالم ومزقها إلى قطع صغيرة وقدمها لابنه، وطلب منه إعادة تجميع الخريطة، ثم عاد إلى قراءة صحيفته.. ظانا أن الطفل سيبقى مشغولا بقية اليوم.. إلا أنه لم تمر خمس عشرة دقيقة حتى عاد الابن إليه وقد أعاد ترتيب الخريطة! فتساءل الأب مذهولا: «هل كانت أمك تعلمك الجغرافيا»؟! رد الطفل قائلا: «لا.. لكن كانت هناك صورة لإنسان على الوجه الآخر من الورقة، وعندما أعدت بناء الإنسان.. أعدت بناء العالم»، كانت عبارة عفوية؛ ولكن كانت عبارة ذات معنى عميق «عندما أعدت بناء الإنسان… أعدت بناء العالم»…

بناء الإنسان ليس حلما رومنسيا، بل هو مطلب واقعي ويحتاج إلى رؤية، والرؤية تحتاج إلى مشروع، والمشروع يحتاج إلى برنامج، والبرنامج يحتاج إلى إرادة ومحاسبة ونخب جديدة، تتطلع لتغيير الواقع إلى الأفضل وليس لإدارة الوضع القائم، كما نقول في المغرب ببلاغة واتربوري: (كل شيء يتغير في المغرب من أجل ألا يتغير شيء).

لن نصنع العجلة من جديد، فمشروع الرؤية العامة لبناء الإنسان والأوطان موجود اليوم في المنجز الإنساني الغربي مع اختلاف في التفاصيل والأولويات، لكن بالمجمل، فإن بناء الإنسان اليوم يرتكز على دعامتين أساسيتين: الحرية والسعادة… والحرية تعني سياسيا حق الشعب في اختيار من يحكم، وبناء دولة الإنسان وليس إنسان الدولة، أي إقامة ديمقراطية تسمح بالتعبير عن إرادة الأمة، وبالتداول على السلطة بين الأحزاب عبر انتخابات حرة.

أما الحرية الاقتصادية، فتعني حق المواطن في التملك والعمل والمبادرة والمنافسة الحرة وتكافؤ الفرص، ووجود قضاء مستقل يقوم بوظيفة الحكم وتطبيق القانون على الجميع لتحقيق المساواة. أما الحرية الدينية، فتعني حق كل مواطن في الإيمان أو عدم الإيمان، والحق في ممارسة طقوسه الدينية بحرية ودون إكراه. مع خروج الدولة من الشأن الديني وعدم توظيف المعتقد سياسيا، أما الحرية في المجال الفكري، فتعني حرية القول والنشر والكتابة والتعبير بدون خطوط حمراء ولا طابوهات سياسية أو اجتماعية، بحيث يفتح المجال للإبداع وللخلق والابتكار ولتطوير الشق اللامادي في حياة الفرد والمجتمع.

أما الحرية على المستوى الاجتماعي، فتعني بناء مجتمع مفتوح ومتعدد لغويا وإثنيا وجهويا ودينيا… مجتمع متحرر من وصاية الدولة ورجال الدين وأشكال التنظيم القبلي والطائفي القديم، مجتمع حر تتفاعل داخله الأفكار والمشاريع والإيديولوجيات وأنماط العيش وأشكال التعبير الرمزي والمادي، بدون قيود سوى ما يفرضه قانون الاجتماع البشري الحديث، حيث الاعتراف بالفرد أولا وبالمجتمع المدني ثانيا، وبالمنظمات الدولية كفاعل يمثل المجتمع الدولي داخل حدود كل دولة تعبيرا عن وحدة المصير البشري… هذه هي مقومات الحرية في خطوطها العريضة… أما الشق الثاني من مشروع بناء الإنسان الحديث في القرن الـ21، فهو السعادة أو بتعبير أقل رومانسية le bien être.

الإنسان مر من تسلسل طويل للحاجيات بدأت بالحاجة إلى الأكل ليعيش، ثم أصبح في حاجة إلى الأمن ليحيا، ثم أصبح في حاجة إلى الدين أو الأسطورة أو السحر لفهم العالم والجواب عن السؤال الأشهر في تاريخ البشرية، وهو من أين أتينا وإلى أين نحن ذاهبون؟ مع تطور المسيرة البشرية أصبح الإنسان بحاجة إلى العلم لفهم الطبيعة، والتكنولوجيا لتطويعها، ثم انتقلنا من الحاجيات إلى الكماليات، ومن الاكتفاء الذاتي إلى طلب السعادة المادية والمعنوي لإنسان يعيش في عصر معولم، له الأحلام نفسها سواء أكان في أمريكا أو في أستراليا أو في كوريا الشمالية أو في الهند أو في المغرب…

الناس اليوم في أوروبا وأمريكا يذهبون إلى التصويت ليس على الأبطال، ولا على رجال الدين، ولا على الثوار، ولا على المبشرين الجدد، يذهبون إلى التصويت على من يحسن دخل جيبهم ومدرستهم وبيوتهم ومستشفياتهم وطرقهم وصناعتهم وميزانية بلادهم ودولة الرفاه التي يحلمون بها… لأن القيم الجديدة للحياة تقول للبشر إن الأصل في الحياة المعاصرة أن يكون الإنسان غنيا أو مكتفيا على الأقل وليس فقيرا، هذا على عكس القيم القديمة التي كانت تعتبر أن الفقر هو الأصل وأن الغنى هو الاستثناء، وأن الحرب هي الأصل وأن السلام هو الاستثناء، وأن المرض هو الأصل وأن الصحة هي الاستثناء، وأن الشقاء في الأرض هو الأصل، أما السعادة ففي الجنة إن دخلها الشقي في الأرض…

هذه القيم الاجتماعية والثقافية كلها تغيرت اليوم، وأصبح الإنسان سواء أكان مسلما أو مسيحيا أو يهوديا أو بوديا أو بدون دين، يسعى إلى امتلاك بيت وأسرة وهاتف وثلاجة وسيارة وتلفزيون وبطاقة تأمين، ومستوى من التعليم ووسائل لتحقيق أحلامه وطموحاته… لهذا بدأت الشعوب تميل إلى شرعية الإنجاز، وإلى الزعامات السياسية والاجتماعية والدينية التي تحررها وتسعدها في الوقت ذاته.

لما فازت الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الانتخابات البلدية بداية التسعينيات، جاء مواطن بسيط إلى الرجل الثاني في الجبهة علي بلحاج، وسأله يا شيخ كُنتُم قد عودتمونا أثناء الحملة الانتخابية بتشييد منازل للفقراء فأعطيناكم أصواتنا ومرت شهور ولم نر هذا الوعد يتحقق، فتطلع إليه علي بلحاج وقال له: «نحن وعدناكم ببيوت نعم، ولكن ليس في الدنيا، بل في الآخرة، في الجنة إن شاء الله.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بناء الإنسان بند خارج البرنامج بناء الإنسان بند خارج البرنامج



GMT 21:46 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

الوزير السامي

GMT 21:41 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

العودة التي لا مفرّ منها إلى غزّة

GMT 21:36 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان أبقى من كل هؤلاء

GMT 21:33 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

بري رجلُ السَّاعة

GMT 21:28 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أية حقيقة؟

GMT 21:25 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مناظرة حضارية... وهدوء العاصفة الانتخابية

GMT 21:21 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حرب العلاقات العامة!

GMT 21:19 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

ليس كله استعراضًا

جورجينا رودريغيز تتألق بالأسود في حفل إطلاق عطرها الجديد

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 10:30 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

نزيف الأنف لدى الأطفال قد يكون من أعراض سرطان الدم
المغرب اليوم - نزيف الأنف لدى الأطفال قد يكون من أعراض سرطان الدم

GMT 18:18 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين رئيس تكشف عن شخصيتها في فيلم «الفستان الأبيض»
المغرب اليوم - ياسمين رئيس تكشف عن شخصيتها في فيلم «الفستان الأبيض»

GMT 18:41 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

لا تتورط في مشاكل الآخرين ولا تجازف

GMT 23:10 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

فوائد ورق الغار للصحة

GMT 06:52 2019 الخميس ,03 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي عل الألوان التي يمكن تنسيقها مع " الأخضر" في الديكور

GMT 18:41 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

استئنافية وجدة ترجئ النظر في قضية "راقي بركان"

GMT 00:38 2015 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مواليد برج "العقرب" يتميزون بذاكرة قوية وشخصية قيادية

GMT 10:47 2017 الخميس ,14 أيلول / سبتمبر

الامهات في اول يوم دوام
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib