بعد نصف قرن تفكيك جريمة كامل مروّة
وزارة الصحة في قطاع غزة تُعلن إرتفاع عدد الشهداء منذ العام الماضي إلى 43799 ونحو 103601 مصاباً الخارجية الإيرانية تنفي المزاعم بشأن لقاء إيلون ماسك بممثل إيران في الأمم المتحدة وزارة الصحة اللبنانية تُعلن ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على البلاد إلى 3452 شهيداً و14.664 مصاباً استشهاد اثنين من قيادات حركة الجهاد الفلسطينية في غارة إسرائيلية على سوريا استشهاد 5 أشخاص في غارة إسرائيلية على مدينة النبطية جنوبي لبنان مئات الإسرائيليين يتظاهرون في تل أبيب احتجاجاً على"تخريب صفقات الأسرى" استقالة وزيرة هولندية من أصول مغربية بسبب "تصريحات عنصرية" صدرت داخل اجتماع لمجلس الوزراء إستشهاد 7 فلسطينيين وإصابة آخرين في قصف إسرائيلي على خيم النازحين بمواصي خان يونس وزارة الصحة اللبنانية تُعلن ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلى على البلاد إلى 3445 شهيداً و14599 مصاباً استشهاد 3 أشخاص وجرح 9 في الغارة التي شنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على منطقة المساكن الشعبية في صور جنوب لبنان
أخر الأخبار

بعد نصف قرن.. تفكيك جريمة كامل مروّة

المغرب اليوم -

بعد نصف قرن تفكيك جريمة كامل مروّة

بقلم : خيرالله خيرالله

وحدها الصدفة أدّت إلى القبض على قاتل كامل مروّة في اليوم ذاته الذي ارتكب فيه جريمته مساء السادس عشر من أيّارـمايو من العام 1966، أي قبل واحد وخمسين عاما. هناك مواطن لبناني لحق بالمجرم بعد تنفيذ الاغتيال وأصرّ على القبض عليه وتسليمه إلى الشرطة.

فكّكت هذه الصدفة أحجية كثيرة من بينها من وراء القاتل وكيف كان يعمل النظام الأمني الذي أقامه جمال عبدالناصر في مصر والذي راح ينتشر في أنحاء مختلفة من العالم العربي، خصوصا بعد إسقاط النظام الملكي في العراق في العام 1958.

كان اسم القاتل عدنان سلطاني. لم يتردّد كريم كامل مروّة، ابن الضحيّة في مقابلة قاتل والده بعد سنوات عدة من ارتكاب جريمته. كان اللقاء مع سلطاني في السنة 1999، قبل عام من وفاة الأخير الذي أصيب بالسرطان.

بالتفاصيل الدقيقة، ولكن غير المملّة، أورد كريم مروّة تفاصيل الجريمة التي أودت بأهمّ صحافي عرفه الشرق الأوسط في القرن العشرين. لا تعود أهمّية كامل مروّة إلى أنّه ساهم في تحديث الصحافة العربية فحسب، وذلك انطلاقا من بيروت، بل إلى أنّه كان لاعبا سياسيا أساسيا على الصعيد الإقليمي في ضوء علاقاته الممتدة من المغرب وتونس وليبيا.. إلى المملكة العربية السعودية، مرورا بكل دول المشرق العربي وبالعائلة الهاشمية تحديدا.

هذا ما دفع جمال عبدالناصر إلى التخلّص منه وكان لا يزال في الحادية والخمسين من العمر. في نصّ سابق له يلقي كريم كامل مروّة الضوء على نجاح والده في جعل الزيارة الأولى للملك فيصل، بعد صعوده إلى عرش المملكة العربية السعودية في العام 1964، لإيران ومصالحته الشاه محمّد رضا بهلوي. جاءت الزيارة في توقيت غير مريح لجمال عبدالناصر الذي كان يعتبر إيران عدوه الأوّل إقليميا والسعودية منافسته الأولى عربيا.

من خلال جريمة طاولت شخصا، تكشّفت مآسي الشرق الأوسط في مرحلة ما قبل هزيمة 1967. تكمن أهمّية النص الذي وضعه كريم كامل مروّة ونشره في الذكرى الـ51 لاغتيال والده في رسمه صورة حقيقية للوضع العربي في تلك المرحلة وكيف تأسس النظام الأمني العربي الذي أنجب مجموعة من الأنظمة مارست سياسة إلغاء الآخر.

الأخطر من ذلك كلّه، يكشف النصّ كيف كان لبنان دائما ضحيّة لهذا النظام الأمني العربي الذي جعل عبدالحميد السرّاج، الضابط السوري الذي وصل إلى موقع نائب رئيس الجمهورية العربية المتحدة، “يأمر” أو “يتلقّى أمرا” باغتيال كامل مروّة، وذلك بعد انتقاله إلى القاهرة وتأسيسه للنظام الأمني في سوريا.

عندما اغتيل كامل مروّة في العام 1966، كان في لبنان شبه دولة وأجهزة تتمتّع بكفاءة، وإن في سياق دائرة معيّنة غير بعيدة كثيرا عن النفوذ الكبير الذي مارسه النظام المصري الناصري وأدواته. كان أفضل تعبير عن هذا النفوذ وجود خليّة في السفارة في بيروت تشرف على عملية الاغتيال ووجود ضابط في المخابرات العسكرية اللبنانية (المكتب الثاني) يدعى سامي الخطيب مهمته التنسيق مع الأجهزة المصرية. حرص الخطيب على زيارة الموقوف عدنان سلطاني مباشرة بعد احتجازه في أحد المخافر البيروتية.

كانت البداية في دخول عدنان سلطاني مبنى جريدة “الحياة” في بيروت حيث كان عامل الهاتف متواطئا معه وذلك بحجة تسليم رسالة إلى كامل مروّة. قتل عدنان سلطاني كامل مروّة بواسطة مسدس كاتم للصوت. أطلق رصاصة في اتجاه القلب في أثناء محاولة كامل مروّة فض الرسالة الوهمية التي سلّمه إياها القاتل الذي ما لبث أن فرّ إلى خارج المبنى. ألقي القبض عليه بعدما استقل سيارة أجرة حاول الوصول بها إلى السفارة المصرية.

ثمّة نقاط عدّة تستأهل التوقف عندها بعد اعتراف عدنان سلطاني باقتراف الجريمة وبأنّ من جنّده كان إبراهيم قليلات. من بين هذه النقاط تحوّل قليلات إلى زعيم للتيار “الناصري” في لبنان بعدما اصطحبه كمال جنبلاط إلى القاهرة وقدّمه إلى عبدالناصر. كان قليلات قبل ذلك مجرّد مهرّب دخان في أحد أحياء بيروت (طريق الجديدة).

كذلك كان ملفتا أنّ عبدالحميد السرّاج كان من أعدّ لعملية اغتيال كامل مروّة بأدقّ التفاصيل. السرّاج كان مسؤول المخابرات العسكرية في سوريا ثمّ وزيرا للداخلية ثم نائبا لرئيس الجمهورية. بعد انتهاء مشروع الوحدة المصرية-السورية في 1961، سجن في سوريا. لكن المخابرات المصرية هربّته إلى مصر عن طريق لبنان حيث أمضى ليلة واحدة في قصر المختارة، استنادا إلى ما أورده كريم كامل مروّة.

اعتمد عبدالناصر السرّاج مستشارا لشؤون لبنان وسوريا والعراق والأردن وذلك بعد نقله إلى مصر. في هذا السياق، كُلّف بالتخلص من كامل مروّة. اعتمدت الأجهزة المصرية إبراهيم قليلات الذي جنّد بدوره عدنان سلطاني. لم يكن ممكنا تنفيذ عملية اغتيال بهذه الدقّة على يد مجرم مثل عدنان سلطاني من دون تغطية مصرية على أعلى مستوى.

فكّك كريم كامل مروّة كلّ حلقات عملية الاغتيال التي استهدفت والده وصولا إلى كشفه أن عدنان سلطاني الذي خرج من السجن بعد عشر سنوات من الجريمة هُرّب إلى القاهرة بحرا من صيدا.

كان مطار بيروت مقفلا في 1976 بسبب حرب السنتين. وجد من يهرّب عدنان سلطاني من السجن ويأخذه إلى القاهرة حيث قابل السرّاج وعرض معه تفاصيل عملية الاغتيال. استخلص السرّاج الذي كان مجرما حقيقيا أن سبب كشف ظروف الاغتيال وملابساته يعود إلى “أنّ الخطأ كان في عدم تأمين سيارة للهروب”.

بالفعل، لو كانت هناك سيارة تنتظر عدنان سلطاني خارج مبنى “الحياة” في حي الخندق الغميق في بيروت، لكان انتهى في السفارة المصرية مثله مثل عامل الهاتف الذي أمّن له الوصول إلى كامل مروّة.

لو تأمّنت مثل هذه السيّارة، لما كان كريم كامل مروّة تمكّن من تفكيك ألغاز الجريمة وربط حلقاتها ببعضها البعض، من أسفل الهرم إلى أعلاه وصولا إلى إبداء أنور السادات في العام 1974 “أسفه” لدور مصر في اغتيال مؤسس “الحياة”.

فعل السادات ذلك لدى استقباله وفدا من الصحيفة كانت على رأسه السيدة سلمى البيسار مروّة زوجة الراحل. أخذها السادات جانبا وأبلغها الحقيقة المتمثلة في أن مصر عبدالناصر كانت وراء اغتيال رجل استثنائي قاوم كلّ أشكال التخلّف وأسّس ما كان في حينه أهمّ صحيفة عربية منفتحة على العالم.

بعد ما يزيد على نصف قرن، لا يزال لبنان يقاوم. الفارق الآن أن إيران الخمينية حلّت مكان مصر الناصرية. الهدف لا يزال لبنان. لم ترغب عائلة مروّة يوما في الانتقام. كلّ ما أرادته كان كشف الحقيقة.. من أجل لبنان، بعيدا عن أيّ مآرب سياسية وذلك من أجل التاريخ ومن أجل ألاّ تضيع الحقيقة.

الصدفة كانت المنطلق، لو لم يوجد مواطن لبناني يلحق بعدنان سلطاني، لكان الأخير انتهى في السفارة المصرية، أي في مكان آمن، ولما أمكن الوصول إلى رأس الهرم.

الصدفة أيضا لعبت دورها في كشف من اغتال رفيق الحريري. استطاع الضابط وسام عيد كشف الجريمة عن طريق تفكيك أحجية شبكة الاتصالات. أدّى ذلك إلى تقديم المجرمين إلى العدالة. الثابت أن آل الحريري لا يسعون إلى الانتقام. كلّ ما هو مطلوب بعد كلّ هذا الزمن إنصاف لبنان وإنصاف رجال من النوع الذي لا يتكرّر، رجال عملوا من أجل لبنان، من كامل مروّة.. إلى رفيق الحريري.

المصدر : صحيفة العرب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بعد نصف قرن تفكيك جريمة كامل مروّة بعد نصف قرن تفكيك جريمة كامل مروّة



GMT 11:33 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

طموح نتانياهو.. في ظلّ بلبلة ايرانيّة!

GMT 12:51 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

نتنياهو وتغيير وجه المنطقة... في ظل بلبلة إيرانيّة!

GMT 09:19 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

السنوار يكتب مستقبل غزّة ولبنان... ولكن!

GMT 21:09 2024 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان اليوم التالي.. تصوّر إيران لدور الحزب

GMT 21:41 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

العودة التي لا مفرّ منها إلى غزّة

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 07:38 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الصحة يُشير أن نصف المغاربة يعانون من اضطرابات نفسية
المغرب اليوم - وزير الصحة يُشير أن نصف المغاربة يعانون من اضطرابات نفسية

GMT 18:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد فراج يكشف تفاصيل أحدث أعماله الفنية
المغرب اليوم - محمد فراج يكشف تفاصيل أحدث أعماله الفنية

GMT 04:24 2024 الأحد ,20 تشرين الأول / أكتوبر

صندوق النقد يوافق على صرف 1.1 مليار دولار لأوكرانيا

GMT 05:58 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

مناخا جيد على الرغم من بعض المعاكسات

GMT 15:25 2019 الثلاثاء ,07 أيار / مايو

عمرو خالد يكشف طرق رؤية الله في كل شيء حولنا

GMT 13:38 2019 الثلاثاء ,05 آذار/ مارس

مقتل راعي أغنام بسبب لدغة أفعى سامة في أزيلال

GMT 01:44 2019 الإثنين ,04 شباط / فبراير

قاصر مغربي يقدم على مغامرة خطيرة للهجرة السرية

GMT 15:14 2019 السبت ,02 شباط / فبراير

تعرفي على أفضل تصاميم الديكورات الزجاجية

GMT 10:42 2019 الأربعاء ,02 كانون الثاني / يناير

جماهير "الوداد" و"الرجاء" تقرر مقاطعة ديربي "الدار البيضاء"

GMT 18:33 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

رحيمي يتلقى عروضًا احترافية من أندية خليجية وتركية

GMT 17:04 2018 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تلغي ديونًا متراكمة في عنق مليون و200 ألف مغربي

GMT 11:59 2018 الإثنين ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف الخمايسي يهدي "جو العظيم" إلى أحمد خالد توفيق

GMT 23:03 2018 الإثنين ,15 تشرين الأول / أكتوبر

%35 من مبيعات الهواتف الذكية في الهند تمت عبر الإنترنت

GMT 00:06 2018 الخميس ,11 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي أشرف حكيمي أفضل ظهير في "الدوريات الكبرى" بأوروبا

GMT 14:01 2018 الجمعة ,21 أيلول / سبتمبر

العثور على عظام بشرية مدفونة داخل جرة في مكناس

GMT 04:29 2018 الثلاثاء ,04 أيلول / سبتمبر

طارق مصطفى يؤكد إعجابه بأندية الدوري المغربي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib