ماكس فيبر في قراءته البروتستانتيّة والرأسماليّة
وفاة أسطورة التنس الأسترالي نيل فريزر عن عمر يُناهز 91 عاماً نادي لو هافر الفرنسي يقوم بتعليق عضوية أحد مشجعيه والذي يبلغ 6 أعوام فقط بسبب تصرفاته في الملعب إصابة 79 شخصاً نتيجة أعمال عنف بين المشجعين خلال مباراة لكرة القدم بين فريقي كارل زييس جينا وضيفه خيمي لايبزيغ 6 قتلى في قصف للدعم السريع على مخيم للنازحين في شمال دارفور نادي فيورنتينا يكشف تطورات الحالة الصحية للاعبه إدواردو بوفي الذي تعرض لإصابة مفاجئة خلال مواجهة ضيفه إنتر ميلان الاتحاد الإفريقي لكرة القدم ينعي ضحايا التدافع المميت في مباراة كرة القدم في غينيا ويُقدم تعازيه لأسر المتوفين والاتحاد الغيني حكومة غينيا تُعلن مقتل 56 شخصاً فى حادث تدافع أعقاب احتجاجات المشجعين على قرارات طاقم التحكيم خلال مباراة لكرة القدم شركة الخطوط الجوية النمساوية تُعلن تمديد توقف الرحلات الجوية إلى طهران وتل أبيب حتى 31 يناير المُقبل استشهاد أحد عناصر أمن الدولة اللبنانى جراء استهدافه بصاروخ موجه من طائرة مسيرة إسرائيلية فى النبطية انفجار جسم غريب في في العاصمة السودانية الخرطوم واستمرار الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع
أخر الأخبار

ماكس فيبر في قراءته البروتستانتيّة والرأسماليّة

المغرب اليوم -

ماكس فيبر في قراءته البروتستانتيّة والرأسماليّة

حازم صاغية
بقلم - حازم صاغية

منذ يفاعته استحوذت الثورة الصناعيّة، وكانت تشقّ طريقها في أوروبا، على مَن بات عالم الاجتماع الألمانيّ ماكس فيبر (1864-1920). فهو مبكراً استشعر تأثيراتها في تضخّم المدن، ونشأة الشركات الكبرى، وظهور نخبة إداريّة تحلّ محلّ الأرستوقراطيّة القديمة. وفي تحليله تلك الظاهرات، خصوصاً الرأسماليّة أصلاً وفصلاً، انهمك كثيراً وطويلاً، ليخلص إلى ذاك الربط الشهير بين «روحها» و«الأخلاق البروتستانتيّة».
أطروحته تلك، ومنذ ظهورها في 1905، أثارت امتعاضاً كاثوليكيّاً رأى أنّ «عنجهيّة الشماليّين» هي وحدها ما يجعلهم يقرنون البروتستانتيّة بالرأسماليّة والتقدّم، فيما يقرنون كاثوليكيّة الجنوب الأوروبيّ بالتخلّف. لكنّها عزّزت، لدى كاثوليكيّين آخرين، امتداحاً ذاتيّاً مفاده أنّ البروتستانت، على عكسهم، يكرّسون حياتهم لجمع المال.
والحال أنّ فيبر، في تفسيره الظاهرة، لم يكتفِ بالنظرة التقليديّة التي ردّت الرأسماليّة إلى عوامل تقنيّة، خصوصاً تطوّر استخدام البخار، فاقترح عنصراً آخر هو الأفكار، لا سيّما الدينيّة، وتحديداً البروتستانتيّة، وبالأخصّ الكالفينيّة.
ذاك أنّ التوفيق بين الدين والدنيا كان سهلاً على الكاثوليك بسبب «الاعتراف» للكاهن، بحيث يُقرّون، على نحو منتظم، بأخطائهم وخطاياهم فيما يعفيهم الكهنة منها. وهكذا وجد طلب الخلاص تلبيته في الممارسات القروسطيّة للكنيسة عبر الاعتراف والحلّ من الذنوب، كما عبّر طقس الحجّ.
لكنْ مع الإصلاح الذي بدأه مارتن لوثر، مطالع القرن السادس عشر، تعرّضت تلك الممارسات لانتكاسة سبّبها عزوف البروتستانت الجدد في شمال أوروبا عنها، واتّجاههم إلى اختراع ممارسات جديدة تقودهم إلى الخلاص.
فالكاهن، في المذهب الجديد، لا يملك سلطة المسامَحة والحلّ من الذنوب التي يملكها الله وحده. بيد أنّنا نجهل نيات الله، وسوف نبقى على هذا الجهل حتّى يوم القيامة. وحتّى ذاك الحين، سيعيش البروتسانتيّ أسيراً لمشاعر قلق وذنب حادّة ومُعذّبة. فكيف، إذاً، ينبغي أن يتصرّف للبرهنة على أنّه فاضل يستحقّ الخلاص، علماً بأنّ الله، الذي يرى كلّ شيء، لا يبدي أيّ موقف للبشر؟ ثمّ، ما دام سيّد الأكوان العارف قد حدّد مسبقاً مصائر البشر، فإنّ أحداً لا يستطيع أن يفعل شيئاً على أمل تغيير قدره المرسوم سلفاً، وهذا فيما يضغط على المؤمن واجب مطلق هو «أن يعد نفسه مختاراً، وأن يقاتل كلّ الشكوك بوصفها إغراءات الشيطان».
هكذا حوّرت البروتستانتيّة شعور مُعتنقيها بالذنب ليغدو انكباباً على العمل الشاقّ، وهو ما سماه فيبر «الأخلاق البروتستانتيّة». فقد سبق لجون كالفن أن جادل بوجود علامات خارجيّة وظاهرة تدلّ على الخلاص، منها الرفاهية الاقتصاديّة والنجاح الدنيويّ. هكذا، وبجعل السلوك الدينيّ أكثر دنيويّة، بات في وسع الكدح المتواصل المفضي إلى الثراء أن يمحو الخطايا. وليس بلا دلالة أنّ أيّام الأعياد والعطلات والراحة كانت، ولا تزال، عند البروتستانت، أقلّ منها لدى الكاثوليك، إذ الحماسة للعمل، وتالياً للربح والاستثمار، تندرج في «تمجيد الله»، فـ«حتّى الغنيّ لن يأكل إنْ لم يعمل، إذ حتّى لو لم يكن الأغنياء بحاجة إلى العمل لتلبية حاجاتهم، تبقى هناك مشيئة الله التي عليهم، مثلهم مثل الفقراء، أن يطيعوها». والعمل الشاقّ هذا إنّما يواكبه الزهد والتقشّف وإنكار المتع الدنيويّة أو تأجيلها، ورفض التنعّم بالثراء واستعراضه، بحيث لا ينجم عن الربح إلاّ مزيد من العمل ومن التوفير والاستثمار.
فإذا اقتصر العمل المقدسّ عند الكاثوليك على نشاطات السلك الدينيّ (كهنةً ورهباناً وراهبات)، فالعمل بذاته مقدّس عند البروتستانت، وهو ما يصحّ في كلّ عمل، من الأبسط إلى الأعقد. وهذا التصوّر إنّما انعكس نشاطاً وحماسة في شتّى فروع الحياة المهنيّة والعمليّة، حيث على البروتستانتيّ أن يكون الأفضل في حقله.
هكذا يُلغى التمييز بين المقدّس والأرضيّ، ليمسي المثال الزهديّ الذي كان يعاش في الأديرة مثالاً يعاش في الحياة الزمنيّة نفسها.
وعن هذا تنجم أبعاد وخلاصات اجتماعيّة وثقافيّة.
فالعمليّة الموصوفة هذه لم تحصل، حسب فيبر، إلاّ في أوروبا الغربيّة على يد البروتستانتيّة التي حملت «روح الرأسماليّة». وإذا كانت العائلة هي الوحدة الاجتماعيّة والعاطفيّة الأولى لدى الكاثوليك، فإنّ البروتستانت بدوا أقلّ عائليّة، إذ قد تكون العائلة نعمةً لكنّها أيضاً قد تكون نقمة ومسرحاً للرغبات الأنانيّة، وعلى الفرد الصالح بالتالي أن يوجّه طاقاته الخيّرة إلى الجماعة ككلّ، وإلى الفضاء العامّ، مع معاملة كلّ كائن بالعدل والاحترام اللذين يستحقّهما.
كذلك أدارت البروتستانتيّة والرأسماليّة ظهريهما للخرافة، وهو ما سماه فيبر «نزع السحر عن العالم». بهذا لم يعد يُنظر إلى البحبوحة كأعطية من الله، بل كنتيجة تفكير وممارسة للمهنة مستقيمة ودؤوبة ومديدة. ثمّ، ما دام الإيمان بالمعجزات قد ولّى، بات علينا الرجوع إلى العلم طلباً للفهم، ما يشجّع على التفحّص والاكتشاف العلميّين، ومن ثمّ التقدّم التقنيّ.
هذه العناصر مجتمعةً شكّلت المحفّزات الأساسيّة للرأسماليّة، بخلقها جيلاً من الشغّيلة ومن أصحاب المشاريع الذين يعملون بجدّ، كما حرّضت على استثمار الفوائض مجدّداً في العمليّة الإنتاجيّة، دافعةً المعتنقين لأن يكونوا أكثر فرديّة من أجل بلوغ الخلاص عبر تفوّقهم المهنيّ.
لقد حلّت محلّ رأسماليّة فيبر رأسماليّة أخرى يلعب فيها الإنفاق ما لعبه التوفير في الرأسماليّة الأبكر. وقد أُخذ على تحليله «مركزيّته الأوروبيّة»، و«نقص الحساسيّة»، أو «نقص المعرفة»، حيال تجارب الشعوب الأخرى، كما ذاع نقد ماركسيّ لفيبر يأخذ عليه وضعه العربة أمام الحصان، أي تفسيره الاقتصاد بالأفكار الدينيّة، فيما العكس هو المطلوب ماركسيّاً.
لكنّ دارس الكاريزما لم يكن عديم الحيطة حيال نقد كهذا، فختم كتابه بالإشارة إلى أنّ رصده لتأثير الزهديّة البروتستانتيّة على روح الرأسماليّة لا يلغي ضرورة الأبحاث التي تُظهر «كيف أنّ الزهديّة البروتستانتيّة، في تطوّرها وشكلها، تأثّرت هي الأخرى بكلّيّة الشروط الاجتماعيّة، وخصوصاً الشرط الاقتصاديّ»، مضيفاً أنّه، و«بالطبع»، لم يكن يهدف إلى إحلال تأويل سببيّ، روحيّ وأحاديّ، للثقافة والتاريخ، محلّ تأويلٍ ماديٍّ يماثله في أحاديّته.
وحتّى يومنا لا يزال الجدال مستعراً.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماكس فيبر في قراءته البروتستانتيّة والرأسماليّة ماكس فيبر في قراءته البروتستانتيّة والرأسماليّة



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
المغرب اليوم - الكشف عن قائمة

GMT 21:47 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الوداد يخلد ذكرى لاعبه الراحل أسامة فلوح

GMT 09:12 2017 السبت ,02 أيلول / سبتمبر

الحريات الفردية من منظور القانون الجنائي

GMT 19:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 02:39 2019 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

أفضل العطور الرجالية التي تجذب النساء في 2019

GMT 08:49 2019 الثلاثاء ,26 شباط / فبراير

أمينة كرم تكشّف سبب مُغادرتها قناة "طيور الجنة"

GMT 03:19 2018 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تنتهي من نقل مسجد أثري يعود إلى العهد الأيوبي

GMT 16:21 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

لينغارد يكسر صمت لاعبي "مانشستر " بشأن رحيل مورينيو

GMT 19:59 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منتجع كونراد رانغالي آيلاند في جزر المالديف

GMT 06:17 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عُلماء يكشفون أسباب كذب الأطفال ويؤكدون "أمر طبيعي"

GMT 04:08 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

شركة ZTE الصينية تخسر 1.1 مليار دولار تعرف على السبب

GMT 18:56 2016 الأربعاء ,16 آذار/ مارس

أفضل مستحضرات العناية بالشعر و البشرة ﻷطفالك

GMT 14:11 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

رسم للفنان الفرنسي

GMT 19:48 2012 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

هذا نذير شؤم

GMT 07:23 2015 الجمعة ,20 شباط / فبراير

عموري مبارك: صوت الأمل الجريح

GMT 10:18 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الذكر النسونجي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib