ما لا تقوله الأرقام عن الأزمة الأوكرانية
وفاة أسطورة التنس الأسترالي نيل فريزر عن عمر يُناهز 91 عاماً نادي لو هافر الفرنسي يقوم بتعليق عضوية أحد مشجعيه والذي يبلغ 6 أعوام فقط بسبب تصرفاته في الملعب إصابة 79 شخصاً نتيجة أعمال عنف بين المشجعين خلال مباراة لكرة القدم بين فريقي كارل زييس جينا وضيفه خيمي لايبزيغ 6 قتلى في قصف للدعم السريع على مخيم للنازحين في شمال دارفور نادي فيورنتينا يكشف تطورات الحالة الصحية للاعبه إدواردو بوفي الذي تعرض لإصابة مفاجئة خلال مواجهة ضيفه إنتر ميلان الاتحاد الإفريقي لكرة القدم ينعي ضحايا التدافع المميت في مباراة كرة القدم في غينيا ويُقدم تعازيه لأسر المتوفين والاتحاد الغيني حكومة غينيا تُعلن مقتل 56 شخصاً فى حادث تدافع أعقاب احتجاجات المشجعين على قرارات طاقم التحكيم خلال مباراة لكرة القدم شركة الخطوط الجوية النمساوية تُعلن تمديد توقف الرحلات الجوية إلى طهران وتل أبيب حتى 31 يناير المُقبل استشهاد أحد عناصر أمن الدولة اللبنانى جراء استهدافه بصاروخ موجه من طائرة مسيرة إسرائيلية فى النبطية انفجار جسم غريب في في العاصمة السودانية الخرطوم واستمرار الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع
أخر الأخبار

ما لا تقوله الأرقام عن الأزمة الأوكرانية

المغرب اليوم -

ما لا تقوله الأرقام عن الأزمة الأوكرانية

إياد أبو شقرا
بقلم : إياد أبو شقرا

خلال إحدى إجازات نهاية الأسبوع عام 1990، على ما أذكر، كنت وزوجتي في زيارة إلى حرم مدرستي الأم بريف غرب إنجلترا، وكانت من عادتي التردّد على المدرسة والالتقاء بأحب أساتذتي هناك.

أحد هؤلاء أستاذ متميّز وصديق عزيز - في منتصف الثمانينات من عمره اليوم - من أصل روسي، كانت عائلته ممّن كانوا يلقبون بـ«الروس البيض» (لا علاقة لهم بجمهورية روسيا البيضاء أو بيلاروسيا) لأنهم ناهضوا الثورة البلشفية «الحمراء»، واضطروا لمغادرة روسيا بعد انتصارها. وهنا لا بد من القول إن روسيا القيصرية تمتّعت بصلات دينية وثقافية قديمة في المشرق العربي، ونشطت كـ«راعية» للمسيحيين من الروم الملكيين الأرثوذكس في بلاد الشام. وأثمرت هذه الصلات، ومنها «المدارس المسكوبية»، استقرار العديد من الروس المناهضين للبلاشفة في منطقتنا.

أستاذي «الروسي الأبيض»، واسمه ثيودور، اعتز دائماً بقوميته الروسية وإتقانه لغته الأم رغم عدائه الشديد للشيوعية، وعيشه في بيئة لبنانية عربية أحبّها وأجاد لغتها، ثم زواجه من زميلة له بريطانية... ولاحقاً انتقالهما معاً للعيش والعمل في بريطانيا.

تلك كانت فترة تداعي الاتحاد السوفياتي تدريجياً، بدءاً من الجمهوريات البلطيقية الثلاث إستونيا ولاتفيا وليتوانيا. ولم يطُل الزمن حتى شمل التداعي جمهوريات القوقاز وآسيا الوسطى ومولدافيا. وأثناء تداولنا الأخبار الآتية من موسكو، خطر لي أن أسأل أستاذي رأيه فيها. فأجابني «يا عزيزي إياد، أنت تعرف جيداً أنني لم أؤيد ولا أؤيد الدولة السوفياتية مطلقاً، ولا أؤمن بتجربتها، بل كنت أتوقع أن تنهار عاجلاً أو آجلاً».

وأردف بلهجة حازمة «أنا لا يهمّني البتة انفصال جمهوريات البلطيق واستقلالها، ولا أقلق مطلقاً من انفصال جمهوريات آسيا الوسطى والقوقاز... إذ لا يربطني شيء بهذه الكيانات لا ثقافياً ولا لغوياً ولا عاطفياً. لكنني سأقلق كثيراً إذا امتدت عدوى الانفصال والاستقلال إلى أوكرانيا وبيلاروسيا. إذ ذاك، سأشعر بالفعل أن هويتي وتراثي انهزما وباتا في خطر. إن لروسيا وأوكرانيا وبيلاروسيا هوية مشتركة بل هي هوية واحدة. نحن شعب واحد وتاريخنا واحد ومصيرنا واحد!».

هذه الكلمات أثّرت في قراءتي للمشهد، ونبشت أعماق ذاكرتي... فاسترجعت قراءاتي للنسيج الاجتماعي المتغيّر دائماً في أوروبا، بل قل في مناطق عديدة من العالم. كذلك تذكّرت أهمية الجمهوريات «السلافية» الثلاث واعتباراتها الخاصة بالنسبة للكرملين، الذي أصر على تمثيل أوكرانيا وبيلاروسيا في الأمم المتحدة بجانب الاتحاد السوفياتي، ناهيك من المشاعر القومية على مستوى الشعب.

ثم إن الاختلاط الديموغرافي والتمازج العرقي والتلاقح الثقافي حقائق لا تنحصر في حدود سياسية. ومعظم كيانات أوروبا الكبيرة الحالية تضم أقليات عرقية أو مذهبية أو لغوية. من هذه الأقليات مَن تتعايش وفق صيغ اتحادية ناجحة مثل سويسرا أو ألمانيا. وفي المقابل، ثمة حالات أخرى قد لا يكون تعايشها هادئاً... فنراه يتجسّد بالأحزاب والحركات القومية الانفصالية في دول مثل بريطانيا وإسبانيا.

كذلك فإن عشرات، بل مئات، المسميات الجغرافية والتاريخية الأوروبية سقطت بفعل الحروب وتجمّع الإقطاعيات وتفسّخ الإمبراطوريات وتشكّل الكيانات والدول البديلة. ولذا ما عدنا نقرأ هذه المسمّيات إلا في كتب التاريخ، أو نسمع عنها لدى مقارنة اللهجات والمصطلحات، أو تمايز الأزياء والأكلات والفنون الشعبية.

هذا هو الحال بالفعل في ألمانيا، التي تُعد كياناتها ومكوّناتها «قلب أوروبا» وشاهداً على تاريخ القارة المضطرب وخرائطها المتحورة أبداً، ولا سيما بعد خسارتها حربين عالميتين خلال قرن واحد. ولعل الاسم الجغرافي الأشهر في تاريخ ألمانيا هو بروسيا. فأين أصبحت اليوم بروسيا العظيمة الممتدة سابقاً من حدود روسيا شرقاً إلى الأراضي المنخفضة (هولندا)؟ ذلك الكيان السياسي الكبير تلاشى بعد الحرب العالمية.

ثم هناك اسم آخر مهم في تاريخ أوروبا هو سكسونيا، لكننا لا نجده الآن في التقسيمات الإدارية الألمانية الحالية إلا موزّعاً على ثلاث ولايات هي: سكسونيا، وسكسونيا - أنهالت، وسكسونيا السفلى.

ما يصدق على ألمانيا يصدق أيضاً على إيطاليا وفرنسا، وطبعاً... روسيا. وهنا، في ضوء الأزمة الأوكرانية، يجب التذكر أنه، على الرغم من الأهمية البالغة لحسابات الأرقام، لا يجوز أن ينسى المحلل السياسي إطلاقاً ما تعنيه مسائل الهوية، والانتماء العاطفي، والولاء الثقافي الحضاري. ولعل هذه المسائل مجتمعةً تتبلور في زمن الاستهداف أو الحصار، بما نسميه الشعور بـ«وحدة المصير».

كعرب، أعتقد أننا نقدّر تماماً ظهور الشعور بـ«وحدة المصير» كرد فعل طبيعي على اشتداد الحصار والاستهداف ومحاولات الاستضعاف.

وعليه، فإن شخصاً بخلفية فلاديمير بوتين السياسية والأمنية والقومية، ما «هضم» يوماً فكرة انتهاء «الحرب الباردة» بهزيمة الإمبراطورية السوفياتية، أو تقبّل برضىً قيام «الأحادية القطبية» الأميركية على أنقاضها.

بوتين، رجل الأمن والسلطة والذاكرة القومية، تعايش طويلاً، ولكن بكثير من المرونة مع واقع مرفوض بالنسبة له. وتركز رهانه منذ ورث «تركة» بوريس يلتسين على أمرين: الأول إعادة البناء الداخلي بأسرع وقت ممكن وبكل السبل والتحالفات الممكنة، والثاني انتظار بداية «التعب» عند الغريم الأميركي المنتصر.

خلال عقدين من الزمن قطع الزعيم الروسي شوطاً بعيداً في ما طمح إليه. إذ أعاد فعلياً بناء القوة العسكرية الروسية، واستثمر في استنهاض مشاعر العزة القومية والأمن الوطني أمام أميركا…. التي أخذت تلوح في الأفق بوادر هشاشة في منعتها المعهودة، وبالأخص، بعد فترتين رئاسيتين متناقضتين تقريباً في نظرتيهما إلى مستقبل النظام العالمي.

أيضاً، يدرك بوتين، بلا شك، الآثار الحتمية لصعود الصين... سواءً كمنافس أو كحليف للغريم المشارك. وربما هذه كانت الإشارة التي تعمّد الرئيس الروسي إرسالها، أمس، أثناء وجوده في بكين، حيث التقى نظيره الصيني شي جينبينغ، بينما لا تزال واشنطن في عهد جو بايدن حائرة في رسم أولويات علاقاتها بالعملاقين الشيوعيين السابقين.

في أي حال، مدّ حدود حلف شمال الأطلسي «ناتو» ليشمل أوكرانيا يشكل استفزازاً غير مبرّر بنظر الروس، وأيضاً في نظر بعض الأوروبيين المستفيدين اقتصادياً من ثروات روسيا. ولكن، بينما لا مصلحة للدول الأوروبية في الذهاب بعيداً بمواجهة «أطلسية» حيث يكفي تسجيل النقاط عبر «لي الأذرع»، يقول المنطق إن بوتين، نفسه، يتجنّب سياسة «شفير الهاوية» التي قد يكون انزلق إليها خلال الأسبوعين الأخيرين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما لا تقوله الأرقام عن الأزمة الأوكرانية ما لا تقوله الأرقام عن الأزمة الأوكرانية



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
المغرب اليوم - الكشف عن قائمة

GMT 21:47 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الوداد يخلد ذكرى لاعبه الراحل أسامة فلوح

GMT 09:12 2017 السبت ,02 أيلول / سبتمبر

الحريات الفردية من منظور القانون الجنائي

GMT 19:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 02:39 2019 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

أفضل العطور الرجالية التي تجذب النساء في 2019

GMT 08:49 2019 الثلاثاء ,26 شباط / فبراير

أمينة كرم تكشّف سبب مُغادرتها قناة "طيور الجنة"

GMT 03:19 2018 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تنتهي من نقل مسجد أثري يعود إلى العهد الأيوبي

GMT 16:21 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

لينغارد يكسر صمت لاعبي "مانشستر " بشأن رحيل مورينيو

GMT 19:59 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منتجع كونراد رانغالي آيلاند في جزر المالديف

GMT 06:17 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عُلماء يكشفون أسباب كذب الأطفال ويؤكدون "أمر طبيعي"

GMT 04:08 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

شركة ZTE الصينية تخسر 1.1 مليار دولار تعرف على السبب

GMT 18:56 2016 الأربعاء ,16 آذار/ مارس

أفضل مستحضرات العناية بالشعر و البشرة ﻷطفالك

GMT 14:11 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

رسم للفنان الفرنسي

GMT 19:48 2012 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

هذا نذير شؤم

GMT 07:23 2015 الجمعة ,20 شباط / فبراير

عموري مبارك: صوت الأمل الجريح

GMT 10:18 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الذكر النسونجي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib