مدن الإسلام قرطبة زينة المدن

مدن الإسلام: قرطبة زينة المدن

المغرب اليوم -

مدن الإسلام قرطبة زينة المدن

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

يُعد اليوم الجامع الكبير الذي يُعرف بين الإسبان بكاتدرائية قرطبة المقدسة أو بالجامع – الكاتدرائية، عالمياً، «من أكثر معالم هندسة القرون الوسطى فرادة». فهو يتميز بقاعته المعمّدة والمزوّدَة بالقناطر، وعواميده الـ856 الرخامية المتعددة الألوان، والمزينة باليشب والجزع والجرانيت، والتيجان الرومانية والقوطية والمغاربية، والعقد الحجري الأحمر والأبيض، وبطابعه الغني المميّز الذي يذكّر بتجمع شجر البلح في هندسة أخرى تعيد الناظر إلى مسقط رأس الأمويين، أي مدينة دمشق، التي تحدّرت منها السلالة. ومن التنويهات الأخرى التي تذكّر بالسلالة الأموية وبكل ما ارتُكب بحقها من انتهاكات، هو قرآن الخليفة العثماني المتوفّى الذي وضع في الجامع الكبير في العام 965.
وكانت قرطبة تنتمي إلى فئة خاصة بها، وتتميّز عن سائر المدن الأوروبية، وتتخطاها بأشواط. ووصف ابن حوقل المدينة بطريقة لامعة، ضمن إطارها، مشيداً بعظمتها:
«لا شيء يضاهي هذه المدينة في مجمل المغرب، ولا حتى في بلاد ما بين النهرين، وسوريا، ومصر، من ناحية عدد سكّانها، وامتدادها، والمساحة التي تشغلها أسواقها، ونظافتها، وهندسة جوامعها، وعدد الحمّامات والخانات الكبير فيها. ويقول العديد من المسافرين إنّ المدينة هي بحجم أحد أحياء بغداد... ورغم أن قرطبة ليست بنصف حجم بغداد، فإنها غير بعيدة عن التوسّع لتصبح بحجمها. هي مدينة مزوّدة بحائط حجري، وأحياء خلّابة، وساحاتٍ شاسعة».
ولم يكن هناك من شك في أن قرطبة كانت مدينة مثيرة للمشاعر مع أسماء أماكنها الرومانسيّة، مثل «حديقة العجائب» و«متاجر بائعي الريحان الحلو» و«جامع البهجة» وغيرها. وكانت شوارعها الضيّقة وساحاتها الهادئة وحدائقها الصغيرة المزروعة زهور أكاسيا وأشجار النخيل، تذكّر بمدينة دمشق التي طُرد منها الأمويّون، ولم يسلم منها سوى المنفي الوحيد وسلالته الذين استعادوا مجدهم بعد مرور قرونٍ في قارّة أخرى.
وولّدت الزراعة والتجارة الغنى، والغنى ولّد الرفاهية، والرفاهية وفّرت مساحة للازدهار الثقافيّ، لدرجة أن قرطبة، تحت حكم عبد الرحمن الثالث والحكم «الثاني»، نافست بغداد على كونها «أكثر مكانٍ متحضّر في العالم». وترأست أعظم نموٍّ ثقافي في إسبانيا حتى القرن السابع عشر. وكان الأدب في طليعة هذا الازدهار. ويحكى عن أنّ 170 امرأة من منطقة واحدة من الضواحي الغربيّة كنّ يعشن من نسخ المخطوطات، وأنّ أكثر من 60.000 كتاب كان يُنشر سنوياً. وكان «الحكم» أكثر محبّي الكتب اندفاعاً في قرطبة، جمع مكتبة من 400.000 كتاب، تتضمن عناوين نادرة استقدمها من مراكز التعليم الكبيرة في الشرق.
إلى اللقاء...

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مدن الإسلام قرطبة زينة المدن مدن الإسلام قرطبة زينة المدن



GMT 16:02 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

إيران ماذا ستفعل بـ«حزب الله»؟

GMT 15:59 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

أنطونيو غرامشي... قوة الثقافة المتجددة

GMT 15:57 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

الجامد والسائح... في حكاية الحاج أبي صالح

GMT 15:52 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

الفرق بين المقاومة والمغامرة

GMT 15:49 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

أشياء منى حلمى

نجمات العالم يتألقن بإطلالات جذّابة بأسبوع الموضة في باريس

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 10:42 2024 الإثنين ,30 أيلول / سبتمبر

داليا البحيري تُبدي إعجابها بمدينة طنجة المغربية
المغرب اليوم - داليا البحيري تُبدي إعجابها بمدينة طنجة المغربية

GMT 09:44 2022 الثلاثاء ,05 تموز / يوليو

ملك البحرين يتلقى برقية من رئيس جمهورية الفلبين

GMT 21:14 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

تجنب اتخاذ القرارات المصيرية أو الحاسمة

GMT 19:13 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل فتاة على يد شخص أربعيني في مدينة أغادير

GMT 05:50 2018 الأربعاء ,12 أيلول / سبتمبر

كيندال جينر تتألق بفستان جذاب باللون الأبيض

GMT 08:06 2018 الخميس ,06 أيلول / سبتمبر

"ليستر " تكشف عن أسرع سيارة للدفع الرباعي

GMT 12:11 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

مقتل عبد الله صالح على يد الحوثيين يشعل الغضب في اليمن

GMT 14:52 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

الرجاء تألق عالميًا قبل مجيء بودريقة

GMT 00:32 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتور مجدي حمدان يقدم 3 خطوات أساسية لتغيير الذات

GMT 12:07 2016 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

الفأر الجبلي يستطيع مضغ لوح خشبي بكُبر علبة الكوكاكولا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib