عام ما أمكن وما تبقّى

عام ما أمكن وما تبقّى

المغرب اليوم -

عام ما أمكن وما تبقّى

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

تتبادل الشعوب في انتهاء عام وإقبال آخر، التعابير نفسها تقريباً. وفيما عدا الفرنسيين الذين يتمنون للآخرين عاماً «جيداً» بعقليتهم العلمية، يستخدم الجميع عبارة «عاماً سعيداً» برغم التوافق في ثقافات العالم على أن السعادة حالة يصعب أن تبلغ.
تعامل الناس مع العام المنقضي بازدراء، أو إهمال، باعتباره لم يعد شيئاً. ويتذكرونه بأسوأ أحداثه، وبعض الشعوب تدق له طبول السخرية، والجميع يردّد: «إن شاء الله تكون السنة المقبلة أفضل عليكم وعلينا»، قاصدين بذلك أن السنة الماضية كانت سيئة.
يختلف اللبنانيون عن الشعوب الأخرى بأعداد المتنبئين بأحداث العام الآتي. وأشهر هؤلاء منذ عقود هو ميشال حايك، وهو يتميَّز أيضاً بأنه لا يدّعي التنبؤ، ولا معرفة المجهول، وإنما يبني «توقعاته» على قراءة معطيات ووقائع. وتدخل في عمله، على الأرجح، عناصر أخرى، منها صلاته الشخصية وميوله السياسية.
هذا العام اهتم اللبنانيون بقراءات ميشال حايك أكثر من أي مرة سابقة خلال نصف قرن. فالجميع في بيوتهم و«سهرة رأس السنة» ملغاة حكماً بسبب العتم والظلام واليأس والقهر والعدمية السياسية التي تلف البلاد. وقد شاء الناس ممن يعتقدون بقدرات حايك وممن لا يعتقدون، الإصغاء إليه بحثاً عن أمل أو نبأ سعيد أو «إشارة خلاص». لكن أين للرجل أن يلقاها. ومن كان ينتظر انقضاء السنة لكي يرمي كل، أو بعض، آماله على السنة الجديدة، وجد أمامه الحكام أنفسهم والسياسيين أنفسهم والأحزاب نفسها ولن تتغير. فماذا يمكن أن يتغير إذن؟
عدّد ميشال حايك، على طريقته، ما يتوقع، فسرد لائحة من الفشل المالي والاقتصادي، ومن ازدهار العداوات ومن الاغتيالات، ورأى بلداً لم يغير في عاداته واختياراته وسلوكه. ودولة تمضي عامين في البحث عن حكومة، وعندما تجدها، تمنعها من الاجتماع. ورأى بلداً يعلن فيه وزير الطاقة أنه سيؤمِّن الكهرباء 24/24 فإذا به يؤمن العتم 25/24، ويلتقط العزيز لنفسه «سيلفي» صبيانية مهللاً «جبنالكم النفط»، في حين أنه جعل لبنان البلد الوحيد على الكرة الأرضية الذي لا نفط فيه لنقل التلاميذ إلى المدارس، ولا مستشفيات، ولا حليب أطفال. ويزداد كل يوم عدد البؤساء المتجمعين حول أكياس القمامة بحثاً عن طعامهم.
قارئو الأحداث والأعوام في كل العالم وجدوا شيئاً ما يخبرون به شعوبهم، إلا في لبنان، حيث يبلغهم القارئ الأشهر بأن رئيس الجمهورية ميشال عون «سوف يخرج من القصر الجمهوري بطريقة غير مألوفة»، وهي جملة واحدة كافية لدس مزيد من الرعب في بلد جائع ومرتعد وذليل. لكن حايك يعود ويعد بأن في الأفق رئيساً من مجلس النواب سوف يحاول إنقاذ ما تبقى، إلا أن المحللين الصحافيين لا يتوقعون أن يبقى الكثير. أو القليل. استناداً إلى ما سبق. وكان لويس الخامس عشر يقول «من بعدي الطوفان». وأما عند سياسيي لبنان «فمن قبلهم، ومن بعدهم، وبين بين»...

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عام ما أمكن وما تبقّى عام ما أمكن وما تبقّى



GMT 16:02 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

إيران ماذا ستفعل بـ«حزب الله»؟

GMT 15:59 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

أنطونيو غرامشي... قوة الثقافة المتجددة

GMT 15:57 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

الجامد والسائح... في حكاية الحاج أبي صالح

GMT 15:52 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

الفرق بين المقاومة والمغامرة

GMT 15:49 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

أشياء منى حلمى

نجمات العالم يتألقن بإطلالات جذّابة بأسبوع الموضة في باريس

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 06:07 2024 الإثنين ,30 أيلول / سبتمبر

أنباء عن سقوط قتيلين في غارة إسرائيلية على بيروت
المغرب اليوم - أنباء عن سقوط قتيلين في غارة إسرائيلية على بيروت

GMT 09:44 2022 الثلاثاء ,05 تموز / يوليو

ملك البحرين يتلقى برقية من رئيس جمهورية الفلبين

GMT 21:14 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

تجنب اتخاذ القرارات المصيرية أو الحاسمة

GMT 19:13 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل فتاة على يد شخص أربعيني في مدينة أغادير

GMT 05:50 2018 الأربعاء ,12 أيلول / سبتمبر

كيندال جينر تتألق بفستان جذاب باللون الأبيض

GMT 08:06 2018 الخميس ,06 أيلول / سبتمبر

"ليستر " تكشف عن أسرع سيارة للدفع الرباعي

GMT 12:11 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

مقتل عبد الله صالح على يد الحوثيين يشعل الغضب في اليمن

GMT 14:52 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

الرجاء تألق عالميًا قبل مجيء بودريقة

GMT 00:32 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتور مجدي حمدان يقدم 3 خطوات أساسية لتغيير الذات

GMT 12:07 2016 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

الفأر الجبلي يستطيع مضغ لوح خشبي بكُبر علبة الكوكاكولا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib