حقبة الخيمة عدوّته العاصمة

حقبة الخيمة: عدوّته العاصمة

المغرب اليوم -

حقبة الخيمة عدوّته العاصمة

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

ما تجاوزه مجاهد البوسيفي في كتابه «دولة الخيمة» توقف عنده طويلاً في روايته «قصة لجوء ليبية»، التي يحكي فيها بمتعة محزنة ومهارة تسجيلية قصة لجوئه السياسي إلى هولندا العام 2009 مع تشكيلة من اللاجئين الآخرين، أفغان وأفارقة وعرب وزنجباريين وقمري واحد، أي من جزر القمر، لكنه مثل كثيرين في المركز، لاجئ اقتصادي لا سياسي.
في هذا العالم العجيب، اللاجئ دائماً على حق. هو الذي يطلب، وإذا رفض طلبه يستأنف. وهو الذي يعلن الإضراب لأن غرفته خالية من جهاز تلفزيون، وهو الذي يقاضي الدولة الهولندية بواسطة المحامي الذي أوكلته له الدولة الهولندية. والمحامي لا يكف عن طمأنته ضد المدعي العام:
لا تهتم، سوف نلقنه درساً في القانون الهولندي المرة المقبلة.
أروع ما في «الرواية» التي هي في الواقع مجموعة حقائق مذهلة، كيف أمضى القذافي 40 عاماً من حكمه يحاول إلغاء مدينة اسمها طرابلس، ومن ثم بنغازي، وغيرهما. نحن أهل الخارج كنا نعرف، مثلاً، أنه حاول أن «يخلق» في الخلاء الصحراوي مدينة اسمها سرت، كانت تضاء في المؤتمرات، ثم تطفأ بعد انتهائها. لكننا لم نكن نعرف أن شوارع المدينة كانت تترك للقمامة، وحياتها التجارية تدمر عمداً، ولا كنا نعرف أن جعل العاصمة السياسية في خيمة مزركشة بالألوان ليس فقط انتصاراً للبداوة التي أبعدته عن شباب المدن، بل هو أيضاً من جمال طرابلس وعمرانها.
لم يكن لهذه السوريالية من حدود. ذات يوم أفاق سكان طرابلس وقد ألغيت جميع أسماء الشوارع وحل مكانها لافتات تحمل أقوال الأخ القائد. وضاع عشرات آلاف الناس يبحثون عن منازلهم ومكاتبهم ومحالهم. وألحق ذلك بإلغاء أسماء الأشهر كما فعلت الثورة الفرنسية (لا أقل)، ثم ألحق ذلك بإلغاء النقد لكي لا يبقي شيئاً من الماضي في مكانه.
لكن ما السبب الذي أعطي لتمويه مدينة في حجم طرابلس. السبب (حاول أن تعترض) أن كوماندوز إسرائيليا يستعد للنزول في العاصمة. وبقدر ما أحفظ من اللهجة الليبية الجميلة، أريد أن أسأل: «يا خويا، قوة معقولة هادي؟ مدينة مساحتها 1.5 كيلومتر، وسكانها 3.5 مليون نسمة، سوف يحتلها كوماندوز إسرائيلي أو فضائي أو مريخي؟».
نعم، في حينها، كان كل شيء معقولاً. أيهما أقرب إلى المعقول، أن كوماندوز إسرائيليا سوف يتم إنزاله في طرابلس، أم أن الأخ القائد اقترض مالاً من الأخ جلود كي يشتري منزلاً مع ذوي الدخل المحدود. كانت لائحة هؤلاء تضم مليون اسم. الاسم الأول: معمر بن محمد بن منيار القذافي.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حقبة الخيمة عدوّته العاصمة حقبة الخيمة عدوّته العاصمة



GMT 16:02 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

إيران ماذا ستفعل بـ«حزب الله»؟

GMT 15:59 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

أنطونيو غرامشي... قوة الثقافة المتجددة

GMT 15:57 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

الجامد والسائح... في حكاية الحاج أبي صالح

GMT 15:52 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

الفرق بين المقاومة والمغامرة

GMT 15:49 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

أشياء منى حلمى

نجمات العالم يتألقن بإطلالات جذّابة بأسبوع الموضة في باريس

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 10:42 2024 الإثنين ,30 أيلول / سبتمبر

داليا البحيري تُبدي إعجابها بمدينة طنجة المغربية
المغرب اليوم - داليا البحيري تُبدي إعجابها بمدينة طنجة المغربية

GMT 09:44 2022 الثلاثاء ,05 تموز / يوليو

ملك البحرين يتلقى برقية من رئيس جمهورية الفلبين

GMT 21:14 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

تجنب اتخاذ القرارات المصيرية أو الحاسمة

GMT 19:13 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل فتاة على يد شخص أربعيني في مدينة أغادير

GMT 05:50 2018 الأربعاء ,12 أيلول / سبتمبر

كيندال جينر تتألق بفستان جذاب باللون الأبيض

GMT 08:06 2018 الخميس ,06 أيلول / سبتمبر

"ليستر " تكشف عن أسرع سيارة للدفع الرباعي

GMT 12:11 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

مقتل عبد الله صالح على يد الحوثيين يشعل الغضب في اليمن

GMT 14:52 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

الرجاء تألق عالميًا قبل مجيء بودريقة

GMT 00:32 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتور مجدي حمدان يقدم 3 خطوات أساسية لتغيير الذات

GMT 12:07 2016 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

الفأر الجبلي يستطيع مضغ لوح خشبي بكُبر علبة الكوكاكولا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib