ذهبية الأرخبيل

ذهبية الأرخبيل

المغرب اليوم -

ذهبية الأرخبيل

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

عندما صدرت النسخة العربية من «أرخبيل الغولاق» عام 1974 لم يكن ألكسندر سولجنتسن يتوقع أن الرواية سوف تبدأ في هز النظام السوفياتي من الأساس. سمى السجين السابق عمله «تحقيقاً أدبياً» لكي يبعد عنه صفة الخيال. لكن الأرقام الحقيقية التي لجأ إليها كان لها وقع مرعب. لقد فتح المعارض الشديد، باباً لن يُغلق.

يبدأ سولجنتسن بالاضطهاد والقمع في عهد القياصرة: تم إعدام 486 شخصاً بين 1876 و1904، أي نحو 17 شخصاً في العام، سنة الثورة 1905 ارتفع الرقم على نحو مذهل إلى 2300 شخص. مع وصول السوفيات، قفز الرقم فوراً إلى الملايين. ومع القتل والتجويع تم نفي 5 ملايين من الغولاق، أي الفلاحين الأكثر يسراً من سواهم. وأُرسل هؤلاء إلى مناطق جرداء من دون طعام أو أدوات زراعية، وتُركوا يموتون جوعاً. وكان جميع هؤلاء من الروس، لكنهم ما لبثوا أن أُلحقوا بالمشكوك في ولائهم من الشيشان والألمان والتتار. وبعد تصفية الغولاق كطبقة اجتماعية، قام الشباب البلاشفة المتحمسون بتجويع الملايين قسراً، ومنع الزراعة عنهم، وحتى صيد السمك. وفي الإجمال، أدت حملة التطهير التي قام بها ستالين إلى مقتل عشرة ملايين إنسان.

وشملت حملة «التطهير الكبير»، «الحصص» التي وُزعت على الشرطة المحلية، بين نفي وقتل. وعدّ الجنود الذين وقعوا في أسر الألماني خلال الحرب العالمية الثانية، من الخونة. وأُقيمت معسكرات اعتقال خاصة لزوجات المتهمين. وقال مدّعٍ عام: «يجب ألاَ نكتفي بحماية أنفسنا من الحاضر، بل من المستقبل أيضاً».

لم يكن عقاب «أعداء الثورة» في زمن البلاشفة أكثر عدداً، بل أيضاً أكثر فظاعة. والعذاب الذي يصفه دوستويفسكي في سيرته الذاتية «رسائل من بيت الأموات» يبدو جنّةً أمام ما حدث في السجون والمعسكرات السوفياتية.

يعقد سولجنتسن المقارنة بعد الأخرى بين عصر التطهير القيصري والبلشفي. حتى لينين نفسه لقي معاملة حسنة عندما اعتُقل. بل كانت ظروف الاعتقال هينة إلى درجة أنه استطاع الفرار أربع مرات. «مَن لم يحاول الهرب، هم فقط الخاملون والكسالى».

يعرض سولجنتسن بعض أنواع التعذيب في تلك المرحلة: وضع الرأس بين قبضتي حديد - حمامات من الأسيد - إجلاس المعتقل فوق مدفأة - منع السجناء من النوم لمدة أسبوع بالتعطيش والضرب»... لا تصل أيُّ من مسرحيات تشيكوف إلى هذا الحد من المخيلات. لا تصل.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ذهبية الأرخبيل ذهبية الأرخبيل



GMT 16:07 2024 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

دائرة واحدة

GMT 16:04 2024 الخميس ,27 حزيران / يونيو

لا تُبعدوا لبنان عن مفاوضات ما بعد غزة!

GMT 16:03 2024 الخميس ,27 حزيران / يونيو

حروب الاسترداد

GMT 16:01 2024 الخميس ,27 حزيران / يونيو

كيف يكون الحل سودانياً؟

GMT 15:59 2024 الخميس ,27 حزيران / يونيو

جبل منيخ في السعودية

درّة تتألق بفستان من تصميمها يجمع بين الأناقة الكلاسيكية واللمسة العصرية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 10:49 2023 السبت ,29 تموز / يوليو

ضفضة_مؤقتة

GMT 10:21 2022 الإثنين ,17 تشرين الأول / أكتوبر

ميسي في صدارة أكثر 10 لاعبين تتويجًا بالكرة الذهبية

GMT 09:18 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

نانت يواجه ستاد بريست في الدوري الفرنسي اليوم

GMT 10:32 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

"بَّا الصغير"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib