كورزنيوفسكي

كورزنيوفسكي

المغرب اليوم -

كورزنيوفسكي

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

ثمة كتابان: الأول، لا يزيد على 75 صفحة من الحجم الصغير. الثاني، لا يزيد على 90 صفحة، من الحجم نفسه. الثاني، من أجمل ما وضع باللغة الإنجليزية. بلاغة نثرية قد تكون في بلاغة شكسبير، شعراً ومسرحاً. الأول، لا بلاغة فيه. صاحبه اشتهر بالبساطة وسلاسة الأسلوب، لغة صحافية تكاد تكون عامية. لكن بلاغة الأول لا تعني أنه معقد أو صعب. أسلوب مباشر، صلب، مثل سبك الذهب. سبيكة سبيكة، لا زوائد ولا أطراف ولا حواشي. سبك. ومفردات كأنها من لغة البحار التي طفق فيها عشرين عاماً. فوق تلك الأمواج العاتية تعلم أن كل شيء تحدٍّ. لذلك، لم يكتب بلغته الأم المحدودة بين اللغات. بل قرر أن يكتب بالإنجليزية، لغة العالم الأوسع. وأول ما فعله تبسيط اسمه من جوزيف تيودور كونراد كورزنيوفسكي، إلى جوزيف كونراد. (1857 – 1923). وسوف يصبح هذا أحد أشهر الأسماء. ويترجم إلى معظم اللغات. وتباع من تحفته الصغيرة «قلب الظلام» ملايين النسخ، في حياته وحتى اليوم.
ملايين النسخ بيعت أيضاً من «الشيخ والبحر» (1899 – 1961) الذي نال عليه نوبل الآداب 1954. بطل همنغواي يصارع المياه المالحة، وبطل كونراد يصارح المياه الحلوة من نهر التيمز إلى نهر الكونغو. لكنه لا يسمي النهر، بل يترك ذلك لقارئه، الذي يعرف أن كونراد يتحدث عن الاستعمار البلجيكي، أسوأ الاستعمارات في أفريقيا.
من حظي أنني قرأت الاثنين باكراً مبكراً. ومثل الطفوليين كنت أحلم بتقليد همنغواي ذات يوم. وظللت أقرأه لسنين. ثم لم يعد يعني الكثير. البولوني الذي كان اسمه كورزنيوفسكي، وأصبح جوزيف كونراد، لا تبهت ألوانه ولا تفقد لغته ألقها، وكلما عدت إليه، عاد إليك مشرقاً، حيوياً، حالياً، مثل القوال الشهير وليم، الذي من ستراتفورد على نهر الافون. واحد لا يعتق شعره وواحد لا يصدأ نثره ولا تجف أنهاره. وبما أن الشعر لا يقرأ في كل الأوقات، إلا في طقس خليق، والنثر يقرأ حتى في القطار، فأنا مدين للسيد كورزنيوفسكي، في كل الأوقات وكل الأزمنة وكل الأمكنة.
أسهل الكتب حملاً وأثقلها بلاغة. نحت سهل. ونهر من المفردات، وما من أحد عبر عن الحياة في المياه كما فعل. إذا كانت تهمك متعة السرد الكبير، أسرع إلى «قلب الظلام». يفضل بلغته الإنجليزية، المستر كورزنيوفسكي.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كورزنيوفسكي كورزنيوفسكي



GMT 16:02 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

إيران ماذا ستفعل بـ«حزب الله»؟

GMT 15:59 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

أنطونيو غرامشي... قوة الثقافة المتجددة

GMT 15:57 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

الجامد والسائح... في حكاية الحاج أبي صالح

GMT 15:52 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

الفرق بين المقاومة والمغامرة

GMT 15:49 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

أشياء منى حلمى

نجمات العالم يتألقن بإطلالات جذّابة بأسبوع الموضة في باريس

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 09:44 2022 الثلاثاء ,05 تموز / يوليو

ملك البحرين يتلقى برقية من رئيس جمهورية الفلبين

GMT 21:14 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

تجنب اتخاذ القرارات المصيرية أو الحاسمة

GMT 19:13 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل فتاة على يد شخص أربعيني في مدينة أغادير

GMT 05:50 2018 الأربعاء ,12 أيلول / سبتمبر

كيندال جينر تتألق بفستان جذاب باللون الأبيض

GMT 08:06 2018 الخميس ,06 أيلول / سبتمبر

"ليستر " تكشف عن أسرع سيارة للدفع الرباعي

GMT 12:11 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

مقتل عبد الله صالح على يد الحوثيين يشعل الغضب في اليمن

GMT 14:52 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

الرجاء تألق عالميًا قبل مجيء بودريقة

GMT 00:32 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتور مجدي حمدان يقدم 3 خطوات أساسية لتغيير الذات

GMT 12:07 2016 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

الفأر الجبلي يستطيع مضغ لوح خشبي بكُبر علبة الكوكاكولا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib