حديقة الشارقة

حديقة الشارقة

المغرب اليوم -

حديقة الشارقة

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

كانت «المدرسة الحربية» في لبنان واحدة من أهم كليات تخرج الضباط في الشرق. أسسها أيام الانتداب الفرنسي على لبنان، أمير الجيش اللواء فؤاد شهاب. من بين أشهر من تسلموا إدارة المدرسة الحربية كان الجنرال فرنسوا جينادري، الذي كان عسكرياً انضباطياً إلى درجة أسطورية، تروى عنه الحكايات في دقّة التدريب. ومن أطرف ما عُرف عنه أنه كان يكثر من إنزال العقوبات في الطلاب المهملين والمتكاسلين.
ماذا كانت أقصى عقوبة؟ يحكم الجنرال جينادري، الذي أصبح قريباً من سن التقاعد، على التلميذ الشاب بأن يركض خلفه مدار حديقة الكلية ثلاث مرات. وكان الطالب المعاقَب يتعب من الدورة الأولى، ويكمل جينادري بقية العقاب عنه. كلما جئت إلى معرض الشارقة للكتب، أتذكر فرنسوا جينادري. فالرجل الأكثر إنتاجاً والأعمق بحثاً والأكثر تنوعاً هو حاكم الشارقة الدكتور سلطان القاسمي. وكل عام يقدم هذا الرجل الدؤوب، والمؤرخ الشغوف، لؤلؤة جديدة من لآلئ الغوص في التاريخ المنسي لهذه المنطقة التي عاشت قروناً على البحث في الأعماق الخطرة عن سبل العيش.
والفارق بين الشيخ وسائر المؤرخين حرص الابن على الإرث. إنه ليس «باحثاً» في تاريخ الجدود فقط، بل هو حارس أيضاً وأمين على ألا يضيع شيء من نثار السنين. روايته التاريخية «الجريئة» نسق جديد في سلسلة أعماله التي بدأها منذ نيله الدكتوراه من جامعة «إكستر» قبل نحو نصف قرن. بدل البحث التاريخي المجرد، يبدأ الشيخ سلطان أسلوب الرواية، التي كان العرب أول من اعتمدها شعراً في الملاحم أو المعلقات.
... وأما المعرض نفسه، فهو أشبه بحديقة الكلية الحربية في الفياضية، أيام جينادري. تشتهي أن تمضي فيه عقوبة القراءة، جولة بعد أخرى، وجناحاً بعد آخر. وكأنما العالم العربي كله يحاول التعويض عن التقصير في حق الكتاب الذي طال. وقد أصبحت المعارض المتقاربة في الرياض وجدة والقاهرة والشارقة مثل مكتبة قومية مفتوحة بصورة دائمة؛ ما إن يغلق معرض حتى يفتح الآخر.
يستضيف معرض الشارقة كل عام دولة أجنبية. هذا العام كانت الضيفة شبه عربية. جاءنا الإسبان بصخبهم وحيويتهم وعبق الأندلس. وبرغم المشاركة الدولية الطاغية بقي للإسبان تميزهم. كأنهم في دارهم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حديقة الشارقة حديقة الشارقة



GMT 16:02 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

إيران ماذا ستفعل بـ«حزب الله»؟

GMT 15:59 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

أنطونيو غرامشي... قوة الثقافة المتجددة

GMT 15:57 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

الجامد والسائح... في حكاية الحاج أبي صالح

GMT 15:52 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

الفرق بين المقاومة والمغامرة

GMT 15:49 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

أشياء منى حلمى

نجمات العالم يتألقن بإطلالات جذّابة بأسبوع الموضة في باريس

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 10:42 2024 الإثنين ,30 أيلول / سبتمبر

داليا البحيري تُبدي إعجابها بمدينة طنجة المغربية
المغرب اليوم - داليا البحيري تُبدي إعجابها بمدينة طنجة المغربية

GMT 13:35 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 14:28 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

عقار تجريبي يساعد مرضى السرطان على استعادة الوزن

GMT 13:44 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib