قصة الراوي

قصة الراوي

المغرب اليوم -

قصة الراوي

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

قبل أسابيع كتب إلياس خوري في زاويته المشحونة دائماً بالتمرد، نصاً حزيناً مستجيراً ومستكيناً للمرة الأولى. قال إنَّ ألماَّ مريعاً ألمَّ به منذ عامين، ويرفض أن يبرح، أو أن يشفق.

كانت تلك بكل وضوح رسالته الوداعية، معتذراً من غزة عن أنَّه غير قادر على إكمال ملحمة أخرى من الملاحم التي وضعها عن فلسطين. مؤرخو فلسطين وشعراؤها ورواتها وأكاديميوها، كانوا جميعاً فلسطينيين: محمود درويش، ووليد الخالدي، وإدوارد سعيد، وإميل حبيبي، وغيرهم. إلياس خوري الأكاديمي، المؤرخ الروائي المقاتل، كان من حي الأشرفية في «بيروت الشرقية».

آخر مرة رأيته، أو بالأحرى لمحته، كانت خلال ثورة 2019 في ساحة البرج، يحاول الفكاك من مسيّلات ميشال عون. وكان المشهد من تواريخ الوطن الصغير: كبار المفكرين تحت القنابل المسيلة للدموع، من أجل إنقاذ لبنان من جمهورية جبران باسيل. لا اسم آخر لها.

كان المفكر حاضراً في كل ما كتب إلياس خوري. وكان المثقف طاغياً. وكان غنياً باللغات والتعدد، وله مكانة عالية بين أدباء العالم في باريس، ولندن، وجامعات أميركا.

أسس أنسي الحاج «ملحق النهار» الأدبي، وكان رئيس تحريره لسنوات طويلة. وعندما استقال أنسي من «النهار» برمّتها، تولى إلياس خوري رئاسة التحرير. وأثار ذلك جدلاً في أروقة الأدب: ماذا سوف يحل بمطبوعة ليبرالية صارخة، في ظل كاتب ملتزم ومتكرس ومائل إلى الحدة والمواجهة؟

حلَّ المفكر الغزير الثقافة. وحلَّ معه جمهورٌ يعجب ويحترم الكاتب الجديد، سواء اتفق معه أو اختلف. وظلَّ خوري ناشطاً على الصعيد الشخصي، وعضواً بارزاً في الجماعة النخبوية المعارضة، التي من نجومها سمير قصير وجيزيل خوري، وجوزيف سماحة، الذين سبقوه في مغادرة الديار، في عنف المرض، أو عنف السلطة.

من أجمل ما كتب إلياس خوري يوماً أن «الكتابة دائماً مزيج من العذاب والفرح». ولدّي شعور لا تفسير له أنه برغم كل ما أنتج وما حقق، كان في إمكانه أن يكون أكبر وأكثر وأهم مكانة في هذه المرحلة الأدبية والسياسية. لعله في غيابه يلقى المزيد من التقييم والإنصاف. لكن المؤسف أنه غاب في وقت يطغى فيه الموت الفلسطيني الكبير على غياب الفرد، مهما كان مؤثراً. أنا أفقد كاتباً كنت أدمن قراءته كل أسبوع، ولا وجود لمودة شخصية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قصة الراوي قصة الراوي



GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

بمناسبة المسرح: ذاكرة السعودية وتوثيقها

GMT 19:34 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

لماذا نهتم بالانتخابات الأميركية؟

GMT 19:31 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

تغريد دارغوث إذ ترسم ضد تسليع الكارثة

GMT 19:26 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

مصر وحماس؟!

GMT 19:22 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

الفار والجزار.. (القافية قافية)!!

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 17:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء
المغرب اليوم - 5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء

GMT 16:13 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي
المغرب اليوم - أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي

GMT 13:16 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

التعرض إلى الضوء في الليل يُزيد من خطر زيادة الوزن
المغرب اليوم - التعرض إلى الضوء في الليل يُزيد من خطر زيادة الوزن

GMT 18:43 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

محمد إمام يتعاقد على فيلم جديد بعنوان "صقر وكناريا"
المغرب اليوم - محمد إمام يتعاقد على فيلم جديد بعنوان

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 13:06 2024 الإثنين ,02 أيلول / سبتمبر

إطلالات أيقونية لملكة الأناقة رانيا العبد الله

GMT 13:41 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib