ما بعد الانتخابات الأمريكية

ما بعد الانتخابات الأمريكية!

المغرب اليوم -

ما بعد الانتخابات الأمريكية

عبد المنعم سعيد
بقلم - عبد المنعم سعيد

انتهت الانتخابات الأمريكية بما لم يتوقعه أحد؛ وليس ذلك لأن الجمهورى دونالد ترامب كان هو الفائز وليس كامالا هاريس الديمقراطية وبأغلبية 277 مقعدًا فى المجمع الانتخابى مقابل 224. فاز ترامب بكل الألقاب المصاحبة، فقد كانت له الأغلبية الشعبية، وهو ما لم يحصل عليه أمام هيلارى كلينتون فى انتخابات 2016؛ كما استحوذ حزبه على مجلس الشيوخ، وبفارق عشرة مقاعد مضافًا إلى السيطرة الواقعة على مجلس النواب مع توسيع الفارق. أصبح ترامب والجمهوريون لهم السيطرة على السلطة السياسية والتشريعية دون مقاومة حقيقية من الحزب الآخر. وجرى ذلك أمام رئيس واقع فى عشرات الاتهامات أمام المحاكم الأمريكية بكافة أنواعها، وبعد أن غير تمامًا من الصورة الشائعة عن الحزب الجمهورى الذى أسسه إبراهام لينكولن خلال الحرب الأهلية الأمريكية (1860- 1865) ونقله إلى حالة من «الترامبية» السياسية التى تتطلب من أعضاء الحزب وأقطابه الولاء للرئيس وما يراه ضروريًّا لكى تكون أمريكا دولة عظيمة مرة أخرى!. لم تكن ليلة إعلان النتائج طويلة كما كان متوقعًا، ولا جرَت المقاضاة أمام المحاكم بعد الاتهامات بالتزوير فى الانتخابات لأنه مع فوز ترامب فإنه حصل على ما كان يقدمه من اختيار للشعب الأمريكى، وهو إما أن يفوز أو يحصل الأمريكيون على شكل من أشكال الحرب الأهلية. تكتل الأمريكيون فعلًا لإسقاط النخبة الليبرالية الديمقراطية التى طرحت عليهم أن الديمقراطية قابعة فى صندوق الانتخاب؛ وراح أحد زعماء الحزب الديمقراطى- باراك أوباما- وزوجته- ميشيل أوباما- يلقنان جمهورهما بآداب احترام المرأة وهى فى طريقها إلى البيت الأبيض!.

كانت آمال الليبراليين فى داخل أمريكا وخارجها يظنون فيها أن الإيمان بالفضائل الليبرالية قد بلغ مبلغه فى الولايات المتحدة حتى يمكن انتخاب امرأة ذات أصول إفريقية وآسيوية أيضًا. ثبت من الدورة الانتخابية أن الجمهور الأمريكى لا تزال لديه تحفظات حول حق المرأة فى جسدها وجسد الجنين داخلها؛ وأكثر من ذلك على منح الحقوق للمتحولين والزواج الشرعى للمثليين.

الليلة حددت المصير الأمريكى بالانتقال إلى نخبة أخرى لم تظهر ملامحها بعد؛ فكما جرى فى تجربة ترامب الأولى فإنه وصل إلى البيت الأبيض دون رفاق يمكن تمييزهم فى المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية فى الداخل والخارج. كان «إيلان ماسك»- أغنى أغنياء العالم- هو نجم المرحلة، ويبدو أنه سوف يكون الرفيق الذى يعطى لترامب النصيحة فى تشكيل نخبة جمهورية جديدة غير تلك التى انشقت على ترامب والترامبية وانحاز بعضها إلى المرشحة الديمقراطية. النخبة الجديدة على الأرجح لن تكون نخبة قائمة على مبادئ ومثل السابقين فى الحزب الجمهورى؛ ولكنها سوف تكون «شعبوية» تعتمد على جماهير واسعة يمكن التلاعب بها فى قضايا الداخل والخارج. ترامب لقى تحفظًا من حلفاء الولايات المتحدة التقليديين فى أوروبا وشرق آسيا؛ لكنه وجد ترحيبًا ممن اعتقدوا بقدراته السحرية على وقف إطلاق النار فى أوكرانيا والشرق الأوسط. والحقيقة هى أن حاضر ترامب لا ينم عن أفكار ومبادرات تدفع فى هذا الاتجاه؛ أما ماضية فإن معالجته للقضية الفلسطينية قامت على أسس اقتصادية تستند إلى تقديم المزيد من المساعدات وفرص العمل للشعب الفلسطينى.


فى هذه المرحلة الانتقالية فإن انشغال ترامب سوف يكون اختيار معاونيه، وهذه المرة فإنه لا يريد معاونين مثلما الذين اختارهم من قبل وكان موقفهم الخروج على الرئيس «المنتخب» ثم تأليف كتاب يعرض مثالبه التى فيها ما يخجل ومعها الحصول على الكثير من الأموال. وعلى مدى الشهرين القادمين فإن الولايات المتحدة سوف تشهد رئيسين: بايدن فى البيت الأبيض، وترامب على أبوابه. هى مرحلة انتقالية لا يمارس فيها بلينكن وزير الخارجية الحالى وجيك سوليفان مستشار الأمن القومى وغيرهما زياراتهم المتعددة إلى الشرق الأوسط بحثًا عن سلام تعذر الوصول إليه. هى فترة «الريبة» التى تتجمد فيها أمور لها علاقات بالحياة والموت ومصائر شعوب، وكانت تتوقف على مبادرات تطرحها أو تتوقف عن طرحها واشنطن. ولن يتردد ترامب فى التعبير عن ضرورة تجميد كل شىء حتى يصل إلى البيت الأبيض، فهو لن يعطى للنخبة الليبرالية فرصة الظهور بمشهد دعاة السلام. أمريكا الآن تدخل مرحلة جديدة من مصيرها الذى قررته عندما سلمت زمامها إلى شخصية عجيبة ينتظر منها خلال المرحلة القادمة أن تتعامل مع اتهامات وادعاءات ومحاكمات تحاول الاحتماء منها بأحكام المحكمة الدستورية العليا، التى نجح فى دورته الرئاسية الأولى فى أن يعطى الجمهوريون المحافظون الأغلبية فيها، وهم الذين يعتقدون بضرورة منح الاستقلال لرئيس الدولة من السلطات ما يكفى للقيادة!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما بعد الانتخابات الأمريكية ما بعد الانتخابات الأمريكية



GMT 22:08 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تمادت كثيرا يا جلالة الملك!

GMT 22:05 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

مفكرة القرية: الطبيب الأول

GMT 22:03 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

قمة الرياض في مواجهة اليوم التالي

GMT 22:01 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

نكسة الإعلام الأميركي

GMT 21:59 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

قمة الرياض... الطريق للدولة الفلسطينية

GMT 21:57 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

3 ركائز لسياسة ترمب في الشرق الأوسط

GMT 21:55 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إعلام اليسار الليبرالي

GMT 21:52 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

«الهوى سلطان».. سلطان الهوى!

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 07:32 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأميرة آن تُغير لون شعرها للمرة الأولى منذ 50 عاماً
المغرب اليوم - الأميرة آن تُغير لون شعرها للمرة الأولى منذ 50 عاماً

GMT 19:11 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

محمود حميدة يكشف تفاصيل شخصية "ياسين" في مسلسل موعد مع الماضي
المغرب اليوم - محمود حميدة يكشف تفاصيل شخصية

GMT 12:20 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

جو بايدن يدعو الأميركيين إلى التوحد من أجل مصلحة البلاد
المغرب اليوم - جو بايدن يدعو الأميركيين إلى التوحد من أجل مصلحة البلاد

GMT 06:13 2019 الجمعة ,10 أيار / مايو

شرطة سيدي يحيى الغرب توقف تاجري مخدرات

GMT 12:55 2022 الأربعاء ,19 تشرين الأول / أكتوبر

عموتة يحذر لاعبي الوداد من فخ اتحاد طنجة

GMT 12:46 2022 السبت ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ارتفاع أسعار الدجاج والخضروات يُثير غضب المغاربة

GMT 02:18 2022 الأحد ,30 كانون الثاني / يناير

بنيت يؤكد أن "إسرائيل" قررت ضرب رأس "الأخطبوط الإيراني"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib