مع رمسيس الثانى وجهًا لوجه
نادي لو هافر الفرنسي يقوم بتعليق عضوية أحد مشجعيه والذي يبلغ 6 أعوام فقط بسبب تصرفاته في الملعب إصابة 79 شخصاً نتيجة أعمال عنف بين المشجعين خلال مباراة لكرة القدم بين فريقي كارل زييس جينا وضيفه خيمي لايبزيغ 6 قتلى في قصف للدعم السريع على مخيم للنازحين في شمال دارفور نادي فيورنتينا يكشف تطورات الحالة الصحية للاعبه إدواردو بوفي الذي تعرض لإصابة مفاجئة خلال مواجهة ضيفه إنتر ميلان الاتحاد الإفريقي لكرة القدم ينعي ضحايا التدافع المميت في مباراة كرة القدم في غينيا ويُقدم تعازيه لأسر المتوفين والاتحاد الغيني حكومة غينيا تُعلن مقتل 56 شخصاً فى حادث تدافع أعقاب احتجاجات المشجعين على قرارات طاقم التحكيم خلال مباراة لكرة القدم شركة الخطوط الجوية النمساوية تُعلن تمديد توقف الرحلات الجوية إلى طهران وتل أبيب حتى 31 يناير المُقبل استشهاد أحد عناصر أمن الدولة اللبنانى جراء استهدافه بصاروخ موجه من طائرة مسيرة إسرائيلية فى النبطية انفجار جسم غريب في في العاصمة السودانية الخرطوم واستمرار الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع وزارة الدفاع الروسية تُعلن قصف عدد من المطارات العسكرية الأوكرانية ومراكز مراقبة للطائرات بدون طيار خلال 24 ساعة
أخر الأخبار

مع رمسيس الثانى وجهًا لوجه!

المغرب اليوم -

مع رمسيس الثانى وجهًا لوجه

زاهي حواس
بقلم : زاهي حواس

تعلم الملك رمسيس الثانى الحكمة من أمه، والقوة من أبيه، الملك سيتى الأول. وقد قام بتصوير نفسه وهو لا يزال أميرًا يشارك أباه الحكم. وأشرف بنفسه على إقامة مقبرة أبيه بوادى الملوك، وهى المقبرة رقم ١٧ بالوادى، والتى تُعتبر أجمل مقابر ملوك الفراعنة على الإطلاق، بل لا نغالى إذا قلنا إن أفخم مقبرة ملكية أُعِدّت لملك من ملوك العالم القديم أو الحديث هى مقبرة الملك سيتى الأول بوادى الملوك. ومن أجمل آثار الملك رمسيس تماثيله الضخمة، التى أقامها فى معبد الإله بتاح بميت رهينة، ومن تلك التماثيل تمثاله الضخم، الذى نُقل من ميت رهينة إلى ميدان محطة مصر أمام محطة السكك الحديدية، وذلك فى سنة ١٩٥٤، ليقوم الأهالى بإطلاق اسم الملك على الميدان والمحطة نفسها، وتتوارى خلف اسم الملك أسماء أخرى للمحطة، منها باب الحديد وكوبرى الليمون وغيرهما. ولست من المتحمسين لتزيين الميادين بالتماثيل الأثرية، ولا أرى أى ضرورة لنقل القطع الأثرية من مواقعها الأصلية لوضعها بالميادين والطرقات بغرض الزينة!، وعلى العكس أنا دائمًا من المتحمسين لبقاء الآثار حيث خُطط لها قديمًا أن تبقى، وإن استعصى ذلك أو استحال فتُنقل إلى المتاحف للحفاظ عليها وعرضها عرضًا علميًّا يكشف عن تاريخها والغرض منها ووظيفتها، التى من أجلها صُنعت تلك الآثار فى العالم القديم.
لقد تعرض تمثال الملك رمسيس بمرور السنين إلى العديد من مظاهر التلوث سواء الناتجة من الضوضاء، أو من عوادم السيارات، أو من التشوه البصرى نتيجة الكبارى التى أصبحت تحيط بالتمثال. كذلك عانى تمثال رمسيس الاهتزازات نتيجة مرور مترو الأنفاق أسفله. وبذلك يكون الملك رمسيس أول ملك فى التاريخ يعانى تمثال له أو أثر كل عوامل الخطر سواء المحيطة به أو التى تعلوه أو التى تأتى من أسفله!، ولذلك قرر المجلس الأعلى للآثار فى ذلك الوقت نقل تمثال رمسيس، وجاءت موافقة اللجنة الدائمة للآثار على نقل التمثال كضرورة لإنقاذه قبل أن ينهار، ولكن لم يستطع للأسف أحد من المسؤولين عن الآثار فى ذلك الوقت وخلال عهد اثنين من أمناء المجلس الأعلى للآثار الذين سبقونى القيام بنقل التمثال خوفًا على مناصبهم فى حال تعرض التمثال للكسر أوالتدمير أثناء عملية النقل. والحقيقة أن التمثال يزن حوالى ٨٣ طنًّا، ونقله لا يمكن أن يكون سهلًا أو هيِّنًا، خاصة والتمثال منصوب ككتلة واحدة فى مكانه، كذلك فإن ظروف المنطقة المحيطة من شوارع وكبارى ومنشآت تجعل مسألة التفكير فى نقله مغامرة محفوفة بالمخاطر.

ولذلك فعندما توليت المسؤولية أمينًا عامًّا للمجلس الأعلى للآثار فى عام ٢٠٠٢ قمت بالاتصال بصديقى المهندس إبراهيم محلب، وطلبت منه أن تقوم شركة المقاولون العرب بعمل الدراسات اللازمة لنقل التمثال إلى موقع المتحف المصرى الكبير. وتواصل المهندس إبراهيم محلب مع الدكتور أحمد محمد حسين، من «هندسة عين شمس»، والذى قام بتصميم ووضع خطة نقل التمثال عبر شوارع وكبارى العاصمة، وتم عمل التجارب على نسخة مقلدة من التمثال، بعدها وضعنا تاريخ وموعد نقل التمثال. وأذكر أن الوزير الفنان فاروق حسنى بعد أن وثق فى كل إجراءات النقل، اتخذ قرار النقل بشجاعة، وهو يعلم تمامًا أن حدوث أى خطأ قد يكلفه منصبه، لكن الجميع كان يعمل فقط لمصلحة مصر وتراثها الأثرى. كنت واثقًا من نجاح عملية النقل لأننا اتبعنا الأسلوب العلمى الصحيح، وكلفنا الأشخاص القادرين على العمل والإبداع، بداية من سائق التريلّا إلى أكبر مهندس بالمشروع، والجميع كان يعرف تمامًا الدور المنوط به، وهذا هو أول أسباب النجاح، وهو أن يُسند الأمر إلى أهله.

قمت بعد ذلك بالاتصال بصديقى، الإعلامى المتميز عبداللطيف المناوى، للتنسيق معه على نقل هذا الحدث على الهواء مباشرة إلى كل مكان بالعالم. وفى تمام الساعة الواحدة ليلًا يوم ٢٦ أغسطس عام ٢٠٠٦، تحرك تمثال الملك من موضعه، وكانت النساء ممن احتشدن بالميدان يطلقن الزغاريد. وتم نقل التمثال بأمان حتى وصل فى السابعة صباحًا إلى ميدان الرماية، وكان فى استقباله الوزير فاروق حسنى ومحافظ الجيزة والصحفيون ووكالات الأنباء، وكان حقًّا أجمل استقبال يليق بملك فراعنة مصر القديمة رمسيس الثانى. وقد تم وضع التمثال على بُعد أمتار من جسم مبنى المتحف انتظارًا لبنائه. وبالفعل قام الدكتور خالد العنانى، وزير الآثار السابق، بنقل التمثال فى يوم ٢٥ يناير عام ٢٠١٨ إلى بهو مدخل المتحف لكى يستقبل ملك فراعنة مصر- رمسيس الثانى- زائرى المتحف عند افتتاحه قريبًا، بعد أن شارف على الانتهاء، ليكون أعظم مشروع ثقافى فى القرن الواحد والعشرين.

لا تنتهى ذكرياتى مع نقل تمثال رمسيس الثانى، حيث حدث شىء كان بالنسبة لى أغرب من الخيال!. لقد فوجئت بأحد أمناء المجلس الأعلى للآثار السابقين لى- والذى تم فى فترة رئاسته للآثار أخذ الموافقات على نقل التمثال، وكان من المتحمسين والمنادين بضرورة نقل التمثال- فجأة، ودون سابق إنذار، ينقلب ويصبح أشرس المهاجمين لعملية النقل، بل إنه زعم أننا نقوم بنقل رمسيس من موضعه لإرضاء اليهود، بعد أن طردهم رمسيس الثانى من مصر!، وللأسف أيضًا انساق وراءه عدد من الصحفيين والكُتاب ممن يبحثون عن الإثارة والشهرة الزائفة. وقد نالنى منهم جميعًا هجوم تنوء الجبال بحمله، لكننى وكعادتى دائمًا أصل محطتى فى موعدى مثل القطار المنضبط، ولو أننى أخشى الهجوم والمشاكل ما كنت لأفعل كل ما فعلت من أجل مصلحة بلدى وآثاره.

أذكر أن بادرنى صحفى بالسؤال: هل تنقلون تمثال الملك رمسيس لإرضاء اليهود؟، فقلت له: لا يوجد دليل واحد على أن رمسيس الثانى هو فرعون الخروج، ولكن دعْنى أفترض جدلًا أنه هو مَن عذب اليهود، أليس وجوده فى ميدان رمسيس ليل نهار هو العذاب بعينه؟!، أم أن نقله داخل المتحف المصرى الكبير فى قاعة عظيمة مكيفة ونظيفة هو العذاب والتحقير لهذا الملك العظيم؟!. تركت الصحفى وفمه مفتوح على مصراعيه لا يعرف كيف سيصيغ ما قلت، وكان يطمح فى نَيْل تصريح يزيد الأمر غموضًا وإثارة، بدلًا من دحض السخافات، التى تُقال بدافع الحقد تجاه النجاح وأصحابه.

والآن، وبعد أن تركت منصبى الحكومى، وتفرغت تمامًا لعملى الأثرى والعلمى، أجدنى مرة أخرى أقف وجهًا لوجه مع الملك رمسيس الثانى، وتلك المرة فى مقبرته، التى حيّرت العلماء والباحثين على مدى القرنين الماضيين، أى منذ نشأة علم المصريات، فعلى الرغم من أن رمسيس الثانى هو أكثر الملوك جلوسًا على عرش مصر ممن عُمِّروا وأنشأوا المقابر والمعابد والمسلات والمقاصير، فإن مقبرته بوادى الملوك لا تدل على تلك العظمة التى تعكسها باقى منشآته المعمارية، والحقيقة المؤسفة هى أن مقبرة رمسيس الثانى بوادى الملوك رقم ٧ كانت بالفعل أعظم مقبرة ملكية سواء من حيث الحجم أو التصميم الضخم المعقد أو جمال النقوش والألوان. وإذا كان الوضع هكذا، فالسؤال هو: ماذا حدث؟.

إن الذى حدث للمقبرة العظيمة لو كان حدث لأى مقبرة ملكية أخرى لأفناها من الوجود!، ففى البداية ظلت المقبرة مفتوحة مُباحة، بعد أن قام الملوك الكهنة فى الأسرة ٢١ بنقل مومياء الملك أولًا إلى مقبرة أبيه سيتى الأول، ثم نقلها بعد ذلك مع مومياء أبيه إلى خبيئة الدير البحرى. وفى تلك الأثناء كانت كل كنوز الملك العظيم قد نُهبت تمامًا، حتى توابيته الثمينة. وللأسف، بدلًا من أن تُغلق المقبرة، كباقى المقابر التى نُهبت قديمًا، ظلت مقبرة رمسيس الثانى مفتوحة مُباحة، حتى إن الرحالة والزائرين خلال العصر اليونانى الرومانى كانوا يتركون أسماءهم وتواريخ زياراتهم على جدران المقبرة. ولم تسلم المقبرة من فيضانات الأمطار والسيول بالوادى، والتى بدأت منذ عصور قديمة اقتحام المقبرة بكل عنف، فأغرقتها مرات ومرات، وألقت الفيضانات بما تحمله من رواسب ترابية وحجرية، حتى سدّت المقبرة وحجراتها الداخلية تمامًا بتلك الرواسب. وكان لتسرب المياه داخل المقبرة أثره فى خلخلة الطبقة الطفلية التى تحمل المقبرة والجبل المنحوتة فيه، وبالتالى تعرضت جدران وأسقف المقبرة للتصدع وباتت على شفا الانهيار.

كان هَمّ البعثات الأثرية السابقة هو فقط الوصول إلى الحجرات الداخلية للمقبرة أملًا فى الكشف عن أى كنوز باقية، لكن حجم التدمير بالمقبرة لم يشجع أى بعثة على القيام بعمل مشروع حقيقى للكشف عن المقبرة وإنقاذها. وفى العام الماضى قمت بتشكيل بعثة أثرية، برئاستى، يقودها الدكتور طارق العوضى، للقيام بأول مشروع حقيقى للكشف الكامل عن مقبرة الملك رمسيس الثانى، وذلك للمرة الأولى منذ أن غطتها رواسب ورديم الفيضانات. أما عن نتائج هذا الكشف المثير وما تم تحقيقه من اكتشافات مذهلة داخل مقبرة رمسيس الثانى، فنُفرد لها مقالًا خاصًّا قريبًا بإذن الله.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مع رمسيس الثانى وجهًا لوجه مع رمسيس الثانى وجهًا لوجه



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
المغرب اليوم - الكشف عن قائمة

GMT 21:47 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الوداد يخلد ذكرى لاعبه الراحل أسامة فلوح

GMT 09:12 2017 السبت ,02 أيلول / سبتمبر

الحريات الفردية من منظور القانون الجنائي

GMT 19:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 02:39 2019 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

أفضل العطور الرجالية التي تجذب النساء في 2019

GMT 08:49 2019 الثلاثاء ,26 شباط / فبراير

أمينة كرم تكشّف سبب مُغادرتها قناة "طيور الجنة"

GMT 03:19 2018 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تنتهي من نقل مسجد أثري يعود إلى العهد الأيوبي

GMT 16:21 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

لينغارد يكسر صمت لاعبي "مانشستر " بشأن رحيل مورينيو

GMT 19:59 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منتجع كونراد رانغالي آيلاند في جزر المالديف

GMT 06:17 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عُلماء يكشفون أسباب كذب الأطفال ويؤكدون "أمر طبيعي"

GMT 04:08 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

شركة ZTE الصينية تخسر 1.1 مليار دولار تعرف على السبب

GMT 18:56 2016 الأربعاء ,16 آذار/ مارس

أفضل مستحضرات العناية بالشعر و البشرة ﻷطفالك

GMT 14:11 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

رسم للفنان الفرنسي

GMT 19:48 2012 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

هذا نذير شؤم

GMT 07:23 2015 الجمعة ,20 شباط / فبراير

عموري مبارك: صوت الأمل الجريح

GMT 10:18 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الذكر النسونجي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib