من طوفان الأقصى إلى طوفان الإنسانية
أخر الأخبار

من طوفان الأقصى إلى طوفان الإنسانية

المغرب اليوم -

من طوفان الأقصى إلى طوفان الإنسانية

عبد الرحمن شلقم
بقلم : عبد الرحمن شلقم

استيقظ العالم يوم السابع من شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على انفجار مدوٍ عندما اندفعت مجموعة فلسطينية مسلحة واقتحمت أرض دولة إسرائيل التي أقيمت سنة 1948، وكان الرد الإسرائيلي، هجوماً جوياً على غزة، بأسلوب «بطانية النار» حسب التعبير العسكري، أي تغطية منطقة كاملة بنار القتل والتدمير الشامل، أي الانتقام العنيف المبيد للبشر والمدمر للحجر والزرع. حبس العالم أنفاسه، وتزاحمت الأسئلة في أفواه السياسيين والمحللين. ماذا ستكون حدود الحرب الإسرائيلية على أهل غزة والضفة الغربية، ومتى سيتمكن الجيش الإسرائيلي، من تحقيق الأهداف التي أعلنها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، وهي: القضاء الكامل على حركة «حماس»، واستعادة الإسرائيليين الذين أسرتهم الحركة، والسيطرة الكاملة على قطاع غزة.

اعتقد الإسرائيليون ومعهم حلفاؤهم الغربيون أن تحقيق الأهداف الإسرائيلية المعلنة، لن يتجاوز أياماً قليلة. حشدت الولايات وعدد من الدول الأوروبية، قواتها الجوية والبحرية في المنطقة، تحت شعار الدفاع عن أمن إسرائيل، الذي جرى تهديده بذلك الحجم منذ قيامها. استمرت بطانية النار، واندفعت القوات البرية تقتل وتدمر، لكن المقاومة الفلسطينية، لم تضعف أو تنكسر. بدأ الغضب الواسع بين ملايين الإسرائيليين المطالبين بتحرير أقاربهم الذين تحتجزهم حركة المقاومة الفلسطينية في غزة، وانشدَّ عقل العالم وضميره إلى آلاف القتلى من المدنيين الفلسطينيين العزل، وبدأ سيل المبادرات السياسية عبر المنظمات الدولية، والمجموعات الإقليمية. صور التطهير العرقي، والقتل الجنوني، ومعاناة الأبرياء من الترحيل والدمار والقتل والتجويع.

انفجر الطوفان الإنساني في أصقاع الدنيا. مظاهرات الطلاب عمّت الكثير من الجامعات الأميركية والأوروبية، وامتلأت الشوارع في بلدان العالم تضامناً مع الشعب الفلسطيني، وإدانة للعدوان الإسرائيلي. الجمعية العامة للأمم المتحدة، عقدت جلسة من أجل اتخاذ قرار بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، وكان قرارها الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وتلاحقت المواقف الدولية السياسية والقانونية. حكم محكمة العدل الدولية، بأن ما تقوم به إسرائيل في غزة، هو إبادة جماعية للشعب الفلسطيني، وتبعه قرار المدعي العام بمحكمة الجنايات الدولية، ومطالبته بملاحقة رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير دفاعه جنائياً. الطوفان الإنساني الداعم للقضية الفلسطينية، صنع رافداً سياسياً مع القانوني. الاعتراف بدولة فلسطينية، ارتفع في قلب أوروبا الغربية، الحليف التاريخي لإسرائيل. الولايات المتحدة الأميركية، التي تعيش في زوبعة الانتخابات الرئاسية، يجد رئيسها الديموقراطي العجوز جو بايدن، نفسه في غرفة اعتراف مظلمة. هو أدمن التغني بصهيونيته، رغم أنه ليس يهودياً، وبادر بإرسال السلاح والمال، لمعشوقته إسرائيل، وتأرجح بين ضربات الطوفان الإنساني الشعبي والسياسي والقانوني، وصارت المذابح الإسرائيلية في غزة، ثقلاً مشتعلاً على ظهره، ويراه بعيون تتحرك أمامها صناديق الاقتراع في الانتخابات الرئاسية القادمة، وغريمه المصارع السياسي دونالد ترمب، يوجّه له اللكمات المتواصلة، رغم عشرات القضايا التي تلاحقه في المحاكم الأميركية. وتواصل حكومة الولايات المتحدة الأميركية، جهودها مع دول الوساطة، من أجل تخليق مبادرات لتخفيف معاناة أهل غزة، وتقديم المساعدات الغذائية والطبية، والتوصل إلى إيقاف الحرب على غزة. أوروبا تنزاح من دون توقف نحو الاعتراف بدولة فلسطينية، وقادة الاتحاد الأوروبي يتحركون نحو الإجماع على ذلك.

نتنياهو، الذي لا طريق أمامه للنجاة من الملاحقة القانونية في الداخل، إلا المزيد من التطرف والعدوان، ورفض كل الجهود الدولية للاعتراف بالدولة الفلسطينية، يسقط في حفرة الملاحقة القانونية عالمياً، ويرتفع الغضب في الداخل المطالب برحيله. الطوفان الإنساني العارم في العالم، أعاد فتح سجلات التاريخ القديمة. معاداة السامية، فزَّاعة قديمة اعتاد قادة إسرائيل رفعها في وجه كل من يدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني، ويدين العدوان الإسرائيلي، هذه الفزَّاعة تآكلت وفقدت تأثيرها سياسياً ومعنوياً. الأجيال الجديدة في العالم كله، لا تعرف شيئاً عن الكلمتين، وهي ترى وتسمع يومياً عن المذابح المرعبة التي تقوم بها إسرائيل في غزة والضفة الغربية ضد المدنيين الفلسطينيين العزل، واستيلاء المستوطنين الإسرائيليين المسلحين، على بيوت ومزارع الفلسطينيين.

المفكر الإيطالي الكبير، البروفسور الساندرو باربيرو، يتنقل بين الجامعات الإيطالية، ويلقي المحاضرات العامة في مدن إيطالية، أثار ضجة كبيرة مؤخراً في وسائل الإعلام الإيطالية، عندما قدم دراسات علمية تاريخية. وقال إن معاداة السامية لم يكن لها مكان في العالم الإسلامي عبر التاريخ، وعاش اليهود في الأندلس وشمال أفريقيا بكل احترام، وأُبعدوا مع المسلمين بعد سقوط الأندلس. وأضاف باربيرو أن معاداة السامية كانت ظاهرة أوروبية، وإقامة دولة إسرائيل كان الهدف منها التخلص من مشكلة وُلدت وعاشت في أوروبا. وقال إن اليهود الذين يعيشون في إسرائيل اليوم هم من أصول أوروبية، ولا علاقة لهم بفلسطين التاريخية. ما يراه العالم في غزة، دفع الكثير من العلماء والساسة والمفكرين في العالم، لفتح ملفات جذور القضية الفلسطينية. الطوفان الإنساني في العالم لا تمتلك إسرائيل سلاحاً لقصفه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من طوفان الأقصى إلى طوفان الإنسانية من طوفان الأقصى إلى طوفان الإنسانية



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 11:03 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

القبض على ثنائي شبيبة القبائل بسبب المخدرات

GMT 07:07 2019 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الخنبشي يؤكّد أنّ السعودية أوصلت اليمن إلى بر الأمان

GMT 03:20 2019 الإثنين ,08 تموز / يوليو

فوائد شمع العسل في تقليل الإجهاد وتحفيز النوم

GMT 15:18 2012 الثلاثاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

"المحرك المميت" أول مسرحية في إطار مهرجان territoria

GMT 06:44 2016 الإثنين ,22 آب / أغسطس

التربية البيتيّة والمدرسيّة وجذور العنف

GMT 06:24 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

قبلة كيت وينسلت للنجمة أليسون جيني تثير عاصفة من الجدل

GMT 03:25 2015 الجمعة ,16 كانون الثاني / يناير

أبرز 5 ألعاب فيديو على "بلاي ستيشن 4" في 2015

GMT 04:29 2016 الجمعة ,21 تشرين الأول / أكتوبر

عدم الحصول على الإسترخاء والراحة يُقلل من خصوبة الرجال
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib